البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقع نموًا اقتصاديًا أقوى في شمال أفريقيا ليسجل 3.7% في 2025

وفقًا لأحدث تقرير لآفاق الاقتصاد الإقليمي الصادر عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، تجاوز نمو الاقتصاد في منطقة جنوب وشرق المتوسط توقعات النمو في النصف الأول من عام 2025، حيث بلغ معدله 3.6%، مقابل 1.2% في عام 2024. ويتوقع البنك أن يصل معدل النمو في المنطقة إلى 3.7% خلال عام 2025، لكنه يتوقع تباطؤه إلى 3.2% في عام 2026.
وقد استفادت منطقة جنوب وشرق المتوسط من انتعاش قوي في قطاع السياحة، وزيادة تحويلات المغتربين، وتحسن الميزان التجاري، مما ساهم في تعزيز أداء الاقتصاد، وانخفض معدل التضخم بشكل ملحوظ في مصر وتونس والمغرب مع انخفاض أسعار المواد الغذائية.
ويشير التقرير الجديد، المعنون "تحت الضغط"، إلى أن معدل النمو في جميع المناطق التي يستثمر فيها البنك سيتراوح عند 3.1% في عام 2025، قبل أن يتسارع إلى 3.3% في عام 2026.
ويعكس هذا التقرير التحديات التي تواجه اقتصادات المنطقة، ومنها التوترات الجيوسياسية العالمية، وتزايد المنافسة من الصين في أسواق التصدير، والقيود المالية.
الاقتصادات في منطقة جنوب وشرق المتوسط
مصر
تجاوز النمو الاقتصادي السنوي التوقعات، حيث ارتفع من 2.4% في يوليو 2024 إلى 4.2% في مارس 2025، مدفوعًا بالانتعاش في قطاع الصناعة بعد فترة ركود، والأداء القوي في التجارة والنقل. وزادت تحويلات المغتربين بنسبة 82.7% على أساس سنوي، وعاد المستثمرون الأجانب إلى سوق سندات الخزانة قصيرة الأجل، حيث بلغت حصتهم 44.7% من إجمالي السندات في مارس 2025.
بلغ معدل التضخم السنوي 15.7% بين يناير ويوليو 2025، وهو نصف المعدل المسجل في الفترة نفسها من عام 2024.
وارتفع صافي الاحتياطي النقدي إلى 49 مليار دولار في أغسطس 2025، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 20 عامًا. ومع ذلك، لا تزال مستويات الدين مرتفعة، حيث من المتوقع أن تصل تكلفة خدمة الدين إلى 65% من إجمالي إيرادات الموازنة في السنة المالية 2025/2026، بينما يظل التقدم البطيء في الإصلاحات الهيكلية عقبة أمام النمو.
ومن المتوقع أن يرتفع الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 4.8% في عام 2025 و4.5% في عام 2026، وذلك في ظل استقرار الاقتصاد الكلي وتحسن تدريجي في ثقة المستثمرين. مع ذلك، لا تزال هناك مخاطر كبيرة، تتمثل في تصاعد النزاعات الإقليمية وعدم تحقيق تقدم في مجال الإصلاحات الهيكلية، مما قد يؤدي إلى تأخير إضافي في تنفيذ برنامج الإصلاح الذي يدعمه صندوق النقد الدولي.
العراق
انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.3% في عام 2024، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 6.2% تقريباً بسبب استمرار تخفيضات إنتاج أوبك+ (بما في ذلك تخفيضات العراق الطوعية) استجابةً للطلب العالمي الضعيف وانخفاض أسعار النفط.
تباطأ نمو القطاع غير النفطي بشكل ملحوظ إلى 2.5% تقريباً في عام 2024، نتيجةً للركود في الاستثمار العام وارتفاع الواردات وانخفض معدل التضخم السنوي من 4% في 2023 إلى 2.7% في 2024، ثم إلى -0.6% في يونيو 2025، وذلك بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية عالمياً.
تقلص فائض الميزان التجاري من 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 إلى 2% في 2024، نتيجةً لانخفاض صادرات النفط وارتفاع الواردات وتزايد تحويلات المغتربين. بلغ الاحتياطي النقدي 100 مليار دولار أمريكي في نهاية 2024، وهو ما يكفي لتغطية 11 شهراً من الواردات. ارتفع العجز في الميزانية إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، وبلغ إجمالي الدين العام 47.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
من المتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5% في 2025 مع إلغاء تخفيضات إنتاج النفط، ثم ينخفض إلى 1.4% في 2026. على المدى المتوسط، سيشكل تعزيز المالية العامة، لا سيما في جانب الإنفاق، أهمية بالغة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي. أما المخاطر التي تهدد هذه التوقعات فتتمثل في التوترات الجيوسياسية العالمية والإقليمية وتأثيرها المحتمل على سوق النفط والنزاعات الإقليمية.
الأردن
شهد النشاط الاقتصادي في الأردن تحسنًا في الربع الأول من عام 2025، حيث بلغ معدل النمو 2.7% على أساس سنوي، مدفوعًا بشكل رئيسي بقطاعات التصنيع والخدمات المالية والزراعة. ومع ذلك، من المتوقع أن يتباطأ النمو، ليصل إلى متوسط 2.4% خلال عام 2025، ثم يتسارع قليلاً إلى 2.6% في عام 2026، مدعومًا بالتعافي في قطاع السياحة وإعادة فتح السوق السورية أمام الشركات الأردنية.
وتوجد مخاطر كبيرة تهدد التوقعات متوسطة الأجل، لا سيما ضعف الطلب العالمي وعدم الاستقرار الإقليمي.
بلغ معدل التضخم السنوي 1.9% خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، مرتفعًا قليلاً عن 1.7% في الفترة المماثلة من عام 2024، مع استقرار أسعار المواد الغذائية. وانخفض عجز الحساب الجاري قليلاً، حيث ارتفعت الصادرات بنسبة 8.6% على أساس سنوي خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025، بينما ارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 9% رغم عدم الاستقرار الإقليمي.
لبنان
بعد انكماش حاد بلغ 7.5% في عام 2024، من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي في لبنان إلى 1.9% في عام 2025، مدفوعًا بالتعافي التدريجي في قطاع السياحة ودخول بعض الأموال المخصصة لإعادة الإعمار، ليصل إلى 2.9% في عام 2026 مع انحسار التوترات السياسية وتعزيز إصلاحات القطاع المصرفي، مما يحسن فرص برنامج دعم صندوق النقد الدولي، ومع ذلك، لا تزال مخاطر عدم الاستقرار الإقليمي قائمة، ويعتبر استئناف دعم المانحين الدوليين شرطًا أساسيًا للتعافي القوي.
انخفض عجز الحساب الجاري إلى 18.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 رغم انخفاض إيرادات السياحة، مدعومًا بشكل رئيسي بتحويلات المغتربين. وفي الوقت نفسه، أدت تحسينات في تحصيل الإيرادات إلى فائض في الميزانية العامة بلغ 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الموارد المالية لا تزال محدودة، والإنفاق العام لا يزال منخفضًا. وبلغت نسبة الدين العام 164% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024. المغرب
بلغ متوسط النمو السنوي 4.7% في النصف الأول من عام 2025، مرتفعًا عن 3.8% في عام 2024. وانخفض معدل التضخم السنوي إلى 1.2% خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، وذلك نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية والوقود والنقل.
وانخفض عجز الميزانية إلى 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، أي أقل بنسبة 0.4 نقطة مئوية من الهدف المالي، بفضل ارتفاع إيرادات الضرائب. وتهدف الحكومة إلى خفض عجز الميزانية إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 وإلى 3% في عام 2026. وانخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 70% في عام 2024، مقارنةً بنسبة 72% في عام 2020.
وارتفعت صادرات السلع بنسبة 5.8% في عام 2024، مدفوعة بصادرات الفوسفات وقطاع صناعة السيارات، إلى جانب زيادة بنسبة 20% في أعداد السياح (ليبلغوا 17.4 مليون سائح). وارتفع عدد السياح مرة أخرى بنسبة 16% على أساس سنوي خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025.
بلغ الاحتياطي الرسمي 45 مليار دولار أمريكي في أغسطس 2025، بزيادة 12% على أساس سنوي، وهو ما يعادل أكثر من خمسة أشهر من قيمة الواردات.
ومن المتوقع أن يصل متوسط النمو إلى 4.2% في عام 2025 و4% في عام 2026، مدعومًا بالاستثمار العام. وتشمل المخاطر المحتملة تباطؤ الاقتصاد في الأسواق الأوروبية، مما قد يقلل من تحويلات المغتربين والطلب على الصادرات، بالإضافة إلى احتمالية حدوث ظواهر مناخية غير مواتية.
تونس
سجلت تونس تسارعًا في معدل النمو الاقتصادي السنوي من 1.6% في عام 2024 إلى 2.4% في النصف الأول من عام 2025، مدفوعًا بالقطاعات الزراعية والبناء والتجارة وصناعة المعدات الكهربائية والميكانيكية. بلغ معدل التضخم السنوي 5.6% خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، وذلك مع انخفاض أسعار المواد الغذائية بعد أن تجاوزت 10% في بداية عام 2023.
وانخفض عجز الميزانية العامة من 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 إلى 6% في 2024، وذلك بفضل زيادة الإيرادات العامة، وانخفاض الدعم المالي للمواد الأساسية، والحد من زيادة رواتب العاملين في القطاع العام. كما انخفض عجز الميزان التجاري إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مدفوعًا بزيادة إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين، والتي ارتفعت بنسبة تزيد عن 8% على أساس سنوي خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025.
بلغ احتياطي النقد الأجنبي 8.5 مليار دولار أمريكي في أغسطس 2025، وهو ما يكفي لتغطية أكثر من ثلاثة أشهر من قيمة الواردات.
ومن المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 2.1% في عام 2026، مع استمرار بطء تحسن بيئة الأعمال وانخفاض مستوى الاستثمار، مما قد يؤثر سلبًا على التوقعات، إضافة إلى المخاطر الناجمة عن نقاط الضعف الخارجية التي قد تفاقم آثار الصدمات الاقتصادية العالمية.
يُعد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بنكًا متعدد الأطراف يعمل على تعزيز تنمية القطاع الخاص وتشجيع روح المبادرة في 42 دولة في ثلاثة قارات. ويتمثل ملكية البنك في 77 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار.
وتهدف استثمارات البنك إلى تعزيز تنافسية وازدهار اقتصادات المنطقة، وتوفير فرص متساوية للجميع، وتعزيز الحوكمة الرشيدة، ودعم التنمية المستدامة، وتعزيز قدرة هذه الاقتصادات على مواجهة التحديات، وتعزيز التكامل الإقليمي. تابعونا عبر موقعنا الإلكتروني، وفيسبوك، ولينكدإن، وإنستغرام، وتويتر، ويوتيوب.