توقعات باستمرار انخفاض أسعار الأرز عالميًا حتى أوائل 2026
تشهد أسواق الحبوب العالمية تحولًا لافتًا، إذ سجلت أسعار الأرز انخفاضًا حادًا خلال الأشهر الأخيرة، لتتراجع من مستوياتها التاريخية التي بلغت ذروتها عام 2023، حين وصلت لأعلى مستوى منذ أزمة الغذاء العالمية عام 2008. ويعزو خبراء الاقتصاد هذا التراجع إلى وفرة المعروض، خصوصًا من الأسواق الآسيوية، في وقت يتزايد فيه القلق بشأن تداعيات ذلك على المزارعين والدول المصدرة.
فائض في الإنتاج الآسيوي
تعد آسيا المنتج الأول للأرز في العالم، حيث تستحوذ الهند، وتايلاند، وفيتنام على النصيب الأكبر من الصادرات. وتشير بيانات حديثة إلى أن وفرة المحصول وارتفاع المخزونات الاستراتيجية لدى بعض الحكومات أسهما في زيادة المعروض بشكل يفوق الطلب العالمي، ما ضغط على الأسعار نحو الهبوط. كما ساعدت الظروف المناخية المعتدلة هذا العام على زيادة الإنتاج في العديد من المناطق.
تراجع الأسعار بعد الطفرة
خلال عام 2023، قفزت أسعار الأرز بفعل موجة من القيود على التصدير فرضتها بعض الدول لحماية أسواقها المحلية، إلى جانب مخاوف من تقلبات مناخية وظروف جفاف ضربت بعض مناطق الإنتاج. غير أن هذه العوامل تلاشت تدريجيًا مع وفرة المحصول في 2024 و2025، مما دفع الأسعار إلى مستويات أدنى من توقعات المحللين.
التداعيات على الدول المنتجة والمستوردة
انخفاض أسعار الأرز يحمل وجهين متناقضين: فمن جهة، تستفيد الدول المستوردة مثل مصر وعدد من الدول الإفريقية، التي تعتمد على الاستيراد لتلبية الطلب المحلي، من تراجع تكاليف الاستيراد وتحقيق وفورات في الميزان التجاري. ومن جهة أخرى، تعاني الدول المنتجة من تراجع عوائد صادراتها، ما يضع ضغوطًا على المزارعين وصغار المنتجين، ويثير الحاجة إلى سياسات دعم حكومية.
توقعات ممتدة حتى 2026
بحسب تقديرات المؤسسات البحثية المتخصصة في السلع الزراعية، من المرجح أن يستمر اتجاه الهبوط في أسعار الأرز حتى أوائل عام 2026، ما لم تطرأ عوامل جديدة مثل موجات جفاف حادة أو اضطرابات جيوسياسية تؤثر في سلاسل التوريد. وتشير التوقعات إلى أن الأسعار ستظل منخفضة نسبيًا مقارنة بمتوسط العقد الماضي، مع احتمال حدوث تقلبات قصيرة المدى تبعًا لتغيرات الطقس أو القرارات السياسية في الدول الكبرى المنتجة.
البعد الاستراتيجي للأمن الغذائي
يرى خبراء أن تراجع الأسعار قد يشكل فرصة للدول النامية لتعزيز مخزوناتها الاستراتيجية من الأرز بتكلفة أقل، بما يدعم أمنها الغذائي في المدى الطويل. لكن في المقابل، يحذر البعض من أن استمرار انخفاض الأسعار قد يؤدي إلى عزوف بعض المزارعين عن التوسع في زراعة الأرز، مما قد يهدد استدامة الإنتاج العالمي في حال تغيرت الظروف المناخية فجأة.
أسواق إفريقية في بؤرة الاهتمام
في إفريقيا، حيث يمثل الأرز غذاءً أساسيًا لمئات الملايين من السكان، سيكون لانخفاض الأسعار تأثير مباشر في تخفيف أعباء المعيشة، خاصة في دول غرب إفريقيا المستوردة بكثافة. غير أن الخبراء يشددون على ضرورة استثمار الوفورات الناتجة عن انخفاض الأسعار في تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الخارج في المستقبل.
