زراعة الأرز البسمتي في مصر.. تجربة مبتكرة تغير خريطة زراعة الأرز في مصر

يشهد القطاع الزراعي في مصر محاولات جادة ومتواصلة لإدخال أصناف جديدة من المحاصيل الاستراتيجية، في إطار السعي لتحقيق الأمن الغذائي وترشيد استهلاك المياه، فضلاً عن تلبية متطلبات الأسواق المحلية والعالمية، ويأتي الأرز في مقدمة هذه المحاصيل، كونه سلعة أساسية على مائدة المصريين، وفي الوقت نفسه من أكثر الزراعات استهلاكا للمياه، الأمر الذي يفرض ضرورة البحث عن بدائل وأصناف أكثر كفاءة وإنتاجية.
وفي هذا السياق، ظهرت تجربة جديدة في محافظة الدقهلية، اعتبرها متابعون بمثابة نقلة نوعية، بعد أن نجح مهندس زراعي في زراعة الأرز الهندي طويل الحبة ـ أحد أشهر أصناف الأرز البسمتي ـ لأول مرة داخل مصر، محققا نتائج مبهرة من حيث جودة الإنتاج وتوفير المياه.
نجاح أول زراعة للأرز الهندي طويل الحبة
قال المهندس محمد موسى، صاحب التجربة، إنه تمكن بفضل الله من تحقيق أول محصول من الأرز الهندي طويل الحبة، موضحا أن هذا النوع يتميز بإنتاجية مرتفعة، حيث يتخطى طول السبلة 35 سنتيمترًا، وتحتوي الواحدة منها على نحو 360 حبة.
وأشار موسى، في تقرير نشرته العربية، إلى أن فترة النمو لم تتجاوز 110 أيام حتى الحصاد، مضيفا: “نحن حاليا نحصد قبل الموعد الطبيعي بنحو عشرة أيام فقط، وهو ما يعكس سرعة اكتمال المحصول وكفاءته”.

مميزات زراعة الأرز البسمتي
أوضح موسى أن الأرز البسمتي يحمل مزايا جوهرية مقارنة بالأرز التقليدي، أبرزها ترشيد استهلاك المياه، إذ يروى مرة واحدة فقط كل عشرة أيام، ما يعني أنه يستهلك أقل من 70% من المياه التي يحتاجها الأرز العادي، كما أن فترة نموه، التي تتراوح بين 110 و115 يومًا، تمنح المزارعين فرصة لزراعة عروة ثانية في العام نفسه، وهو ما يضاعف حجم الإنتاج ويساهم في تعزيز المعروض بالأسواق.
وطالب كوسى، بضرورة تعميم زراعة هذا النوع في مختلف المحافظات، لما يحمله من فوائد اقتصادية وزراعية، معتبرًا أن نجاح زراعته في الدقهلية يشكل نقطة انطلاق لتجربة وطنية واسعة يمكن أن تغيّر خريطة إنتاج الأرز في مصر.

جهود رسمية لدعم أصناف البسمتي
يأتي هذا في وقت نجحت فيه وزارة الزراعة في التوسع بزراعة أصناف متعددة من الأرز البسمتي تحت إشرافها المباشر، مثل "جيزة 201" و"جيزة 11"، وذلك ضمن خطة متكاملة تهدف إلى إدخال سلالات جديدة أكثر توفيرا للمياه وأكثر قدرة على تلبية احتياجات السوق المحلية والتصديرية.
وفي النهاية، يتضح أن تجربة زراعة الأرز الهندي طويل الحبة في الدقهلية، تفتح الباب واسعا أمام مستقبل جديد لمحصول يعد من أهم السلع الاستراتيجية في مصر، وبينما يبرهن نجاح التجربة على قدرة المزارع المصري على الابتكار والتجديد، فإن تعميمها على نطاق واسع قد يسهم في مواجهة تحديات المياه وزيادة حجم الإنتاج، لتصبح مصر أمام فرصة حقيقية لإعادة رسم خريطة زراعة الأرز بما يخدم الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني معا.