توقعات بنمو ضعيف للوظائف في أمريكا تعزز احتمالات خفض الفائدة
تشير التوقعات الاقتصادية الصادرة في واشنطن إلى أن سوق العمل الأمريكي يشهد تباطؤًا ملحوظًا خلال شهر أغسطس، مع تسجيل معدل بطالة يصل إلى 4.3%، وهو ما يعكس تراجعًا في زخم التوظيف مقارنة بالأشهر الماضية. هذه التطورات عززت توقعات المستثمرين والمحللين بشأن إمكانية لجوء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل منتصف سبتمبر، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد وسط تحديات متزايدة.
ضغوط على سوق العمل
ومن المنتظر أن يصدر تقرير وزارة العمل الأمريكية يوم الجمعة، والذي سيكون تحت أنظار الأسواق العالمية بعد أن أظهرت بيانات سابقة أن عدد العاطلين عن العمل تجاوز عدد الوظائف الشاغرة في يوليو، وذلك للمرة الأولى منذ جائحة كوفيد-19. ويرى اقتصاديون أن هذا التحول يعكس بداية مرحلة جديدة من تباطؤ النمو الاقتصادي مع ارتفاع تأثير التعريفات الجمركية وسياسات تشديد الهجرة على حجم القوى العاملة.
تأثير السياسات التجارية
ويرجع العديد من الخبراء ضعف سوق العمل إلى التعريفات الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي رفعت متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية إلى أعلى مستوى منذ عام 1934. هذه الإجراءات زادت المخاوف من التضخم وأجبرت الاحتياطي الفيدرالي على التريث في خطواته المتعلقة بخفض الفائدة. ورغم أن محكمة استئناف أميركية قضت مؤخرًا بعدم قانونية بعض هذه الرسوم، فإن حالة عدم اليقين التجاري ما زالت تؤثر سلبًا على قرارات الشركات بشأن التوظيف والاستثمار.
بيانات أولية وتقديرات متباينة
وفقًا لاستطلاع أجرته وكالة رويترز، قد يعلن مكتب إحصاءات العمل عن إضافة نحو 75 ألف وظيفة غير زراعية خلال أغسطس، مقارنة بـ73 ألفًا في يوليو. لكن التقديرات تراوحت بين عدم إضافة أي وظائف وصولًا إلى 144 ألف وظيفة، ما يعكس حالة من الغموض. كما ستخضع بيانات الأشهر السابقة لمراجعات دقيقة بعد تسجيل انخفاضات حادة وصلت إلى 258 ألف وظيفة في مايو ويونيو، وهو ما أثار جدلاً سياسيًا دفع ترامب إلى إقالة مفوضة المكتب إريكا ماكنتارف، متهمًا إياها بتزوير البيانات دون أدلة.
مؤشرات إضافية على الضعف
البيانات الحديثة أظهرت أيضًا زيادة في طلبات إعانات البطالة الجديدة فوق المتوقع، بجانب تباطؤ واضح في التوظيف داخل القطاع الخاص خلال أغسطس، ما يعد مؤشرات إضافية على ضعف سوق العمل. ويتوقع محللون أن تكشف المراجعات المقبلة للتوظيف عن انخفاض بمقدار يصل إلى 800 ألف وظيفة في الفترة الممتدة من يونيو 2024 حتى مارس 2025، استنادًا إلى بيانات التأمينات الاجتماعية.
تراجع حجم القوى العاملة
كما انكمش حجم القوى العاملة الأمريكية بنحو 800 ألف عامل في الربع الثاني من العام الجاري، نتيجة مداهمات الهجرة وإنهاء الوضع القانوني المؤقت لمئات الآلاف من المهاجرين. ويؤكد اقتصاديون أن الاقتصاد يحتاج إلى ما بين 50 و75 ألف وظيفة شهريًا فقط لمواكبة النمو السكاني، وهو ما يفسر استقرار نسبيًا في معدل البطالة رغم تراجع التوظيف.
موقف الاحتياطي الفيدرالي
وفي هذا السياق، لمح جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الشهر الماضي إلى احتمالية خفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية المقرر في 16 و17 سبتمبر، معترفًا بوجود مخاطر متزايدة في سوق العمل. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة مراقبة التضخم الذي ما زال يشكل هاجسًا رئيسيًا لصانعي السياسة النقدية.
وبينما يترقب المستثمرون التقرير الرسمي عن سوق العمل، تبقى الأسواق في حالة ترقب حذر، مع استعدادها لاحتمالات خفض الفائدة كإجراء ضروري لدعم الاقتصاد الأمريكي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
