الصين تفرض إجراءات مكافحة التحايل على بعض واردات الألياف الضوئية الأمريكية
أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الخميس، فرض إجراءات مكافحة التحايل على بعض واردات الألياف الضوئية القادمة من الولايات المتحدة، وذلك اعتباراً من اليوم، في خطوة تستهدف تعزيز حماية السوق المحلية من الممارسات التجارية غير العادلة وضمان استقرار الصناعة الوطنية.
وأوضحت الوزارة في بيان رسمي أن القرار جاء بعد مراجعة دورية أظهرت وجود محاولات التفاف من بعض الشركات الأمريكية على التدابير السابقة الخاصة بمكافحة الإغراق، عبر إعادة تصدير منتجات الألياف الضوئية بطرق مختلفة أو تحت مسميات فنية جديدة. وأضافت أن هذه الإجراءات تهدف إلى "إرساء بيئة تنافسية عادلة، ودعم الشركات المحلية، وحماية الاستثمارات في قطاع الاتصالات والبنية التحتية الرقمية".
قطاع استراتيجي حيوي
تُعد الألياف الضوئية من الركائز الأساسية للبنية التحتية الرقمية، حيث تدخل في تشغيل شبكات الاتصالات والإنترنت، لاسيما مع توسع الصين في نشر شبكات الجيل الخامس (5G) وتطوير قدراتها في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وتشير بيانات رسمية نقلتها وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" إلى أن السوق المحلي شهد نمواً ملحوظاً خلال العام الجاري، مع ارتفاع الطلب على خدمات الإنترنت فائقة السرعة في المدن والمناطق الريفية على حد سواء.
خلفية تجارية متوترة
يأتي القرار في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا والاتصالات وأشباه الموصلات. فمنذ عام 2018، شهدت العلاقات التجارية بين البلدين عدة جولات من فرض الرسوم والإجراءات الحمائية المتبادلة، كان أبرزها القيود الأمريكية على تصدير الرقائق المتقدمة إلى الصين، في مقابل إجراءات صينية على منتجات زراعية وصناعية أمريكية.
وفي قطاع الألياف الضوئية تحديداً، سبق أن فرضت الصين رسوماً لمكافحة الإغراق على واردات من الولايات المتحدة ودول أخرى في السنوات الماضية، بحجة بيعها بأسعار أقل من التكلفة، مما يضر بالشركات الصينية. إلا أن تقارير حديثة أظهرت لجوء بعض الموردين الأمريكيين إلى طرق غير مباشرة لإعادة دخول السوق الصينية، وهو ما دفع بكين إلى تشديد الرقابة الحالية.
انعكاسات القرار
يرى محللون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى زيادة حدة المنافسة التجارية بين الجانبين، خاصة وأن الولايات المتحدة تعتبر سوقاً رئيسية للصادرات التكنولوجية الصينية في الوقت نفسه. كما أن فرض قيود إضافية على الألياف الضوئية الأمريكية سيعزز توجه بكين إلى الاعتماد على الإنتاج المحلي وتشجيع الشركات الصينية على الابتكار وتوسيع طاقتها الإنتاجية.
من جانب آخر، قد ينعكس القرار على سلاسل التوريد العالمية، إذ يعتمد عدد من الشركات متعددة الجنسيات على منتجات الألياف الضوئية القادمة من الولايات المتحدة والصين معاً. وفي حال استمرار فرض هذه التدابير، قد تواجه تلك الشركات ارتفاعاً في التكلفة أو تحديات لوجستية في تأمين احتياجاتها من المكونات الحيوية.
مستقبل الصناعة
يشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذه الإجراءات تمثل جزءاً من استراتيجية أوسع تتبناها الصين لتعزيز الأمن الاقتصادي والتكنولوجي، وتقليل الاعتماد على الخارج في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية. كما تعكس رغبة بكين في حماية صناعتها المحلية من المنافسة الخارجية غير العادلة، وفي الوقت نفسه الاستعداد لمواجهة أي تصعيد أمريكي في النزاع التجاري الدائر.
ويرى مراقبون أن قطاع الألياف الضوئية سيكون أحد مراكز الصراع التكنولوجي العالمي خلال السنوات المقبلة، حيث يشكل أساساً للبنية الرقمية التي يعتمد عليها الاقتصاد الحديث، بدءاً من الاتصالات والإنترنت، وصولاً إلى التطبيقات الصناعية والعسكرية المتقدمة.
