محطة حاويات هاتشيسون السخنة.. بوابة مصر الجديدة إلى العالم بتقنيات المستقبل

تبرز محطة حاويات السخنة التي تديرها شركة هاتشيسون الصينية كأيقونة جديدة في خارطة النقل البحري واللوجستيات في مصر، وهذا المشروع، الذي يعد جزءًا من رؤية مصر 2030 لتحويل البلاد إلى مركز إقليمي للتجارة والنقل، يمثل قفزة نوعية في تطوير البنية التحتية للموانئ المصرية.
ومع اقتراب موعد التشغيل التجريبي للمحطة بنهاية عام 2025، تتجه الأنظار نحو هذا الصرح الذي يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والكفاءة التشغيلية، ليصبح أول محطة حاويات ذكية بالكامل في مصر.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل الكاملة لمحطة حاويات السخنة، والإنجازات التي تجعلها ركيزة أساسية في الممر اللوجستي "السخنة-الدخيلة".
رؤية طموحة لتطوير ميناء السخنة
ويأتي إنشاء محطة حاويات هاتشيسون ضمن مشروع طموح لتطوير ميناء العين السخنة، الذي بدأ منذ عام 2021 تحت إشراف وزارة النقل المصرية بقيادة الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل.
وشهد الميناء تحولًا غير مسبوق من أراضٍ صحراوية إلى واحد من أكبر الموانئ العالمية، بفضل جهود الشركات المصرية وشراكات دولية قوية، حيث يهدف المشروع إلى تعزيز مكانة مصر كمركز لوجستي عالمي، يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عبر محور لوجستي متكامل، وفقًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
التكنولوجيا الذكية في صميم العمليات
وتعد محطة حاويات هاتشيسون رقم 1، التي تديرها شركة هاتشيسون العالمية بالتعاون مع تحالف يضم شركات مثل "كوسكو" و"CMA CGM"، أول محطة حاويات ذكية بالكامل في مصر.
وتمتد المحطة على مساحة 1.6 مليون متر مربع، وتتميز بطاقة استيعابية تصل إلى 3.5 مليون حاوية مكافئة سنويًا، مما يجعلها الأكبر في مصر عند اكتمالها، ويبلغ طول رصيف المحطة 2600 متر، وهي مصممة لاستقبال السفن العملاقة التي يصل طولها إلى 400 متر، مما يعزز قدرة الميناء على المنافسة دوليًا.
وتعتمد المحطة على أحدث التقنيات الذكية، بما في ذلك نظام إدارة محطات الحاويات (TOS) الذي يتيح تتبع حركة الحاويات لحظيًا، وأنظمة GPS وRFID لتحديد المواقع بدقة، إلى جانب غرف تحكم مركزية لإدارة الأوناش ومراقبة الساحات.
كما تتبنى المحطة تقنيات صديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات وتعظيم كفاءة الطاقة، مما يعكس التزام مصر بالاستدامة.

الأوناش العملاقة كمحور للكفاءة
وفي يوليو وأغسطس 2025، شهدت محطة هاتشيسون وصول السفينة ZHEN HUA 36، المحملة بـ15 ونشًا متطورًا من تصنيع شركة ZPMC الصينية، الرائدة عالميًا في صناعة أوناش الموانئ.
وتضمنت الدفعة الأولى 3 أوناش رصيف عملاقة من طراز STS، قادرة على التعامل مع السفن ذات الحمولات الضخمة، و12 ونش ساحة أوتوماتيكي من طراز RTG، تعمل بأنظمة ذكية لتقليل الأخطاء البشرية وزيادة الكفاءة التشغيلية.
ومن المتوقع وصول 3 أوناش STS إضافية و6 أوناش RTG لاحقًا ليكتمل العدد بـ6 أوناش STS و18 ونش RTG، مما يعزز قدرة المحطة على تسريع دورة تداول الحاويات.
ملحمة التطوير
وواجه مشروع تطوير ميناء السخنة تحديات كبيرة، منها تداعيات جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، لكن فرق العمل المصرية تمكنت من تجاوزها بخطى ثابتة، وتم إنشاء أرصفة بطول 18 كيلومترًا بعمق 18 مترًا، و5 أحواض بحرية، وساحات تداول بمساحة 9.2 مليون متر مربع، إلى جانب شبكة طرق داخلية بطول 17 كيلومترًا وخطوط سكك حديدية بطول 30 كيلومترًا متصلة بالقطار الكهربائي السريع.
كما تم إنشاء 3 بوابات جديدة لتسهيل الحركة، مما يعزز التكامل مع الشبكة اللوجستية الوطنية.
تعزيز التجارة واللوجستيات
وتساهم محطة هاتشيسون في تعزيز مكانة ميناء السخنة كمركز محوري في التجارة الدولية، حيث يدعم الميناء خطط التوسع في تجارة الترانزيت، ومن خلال استقطاب استثمارات عالمية وشراكات مع شركات مثل هاتشيسون والبحر الأحمر لتداول الحاويات (RSCT)، يعكس المشروع رؤية مصر لتطوير موانئ تنافسية عالميًا.
كما يدعم المحطة محور "السخنة-الإسكندرية" اللوجستي، الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، مما يعزز كفاءة حركة الحاويات ويقلل من زمن الشحن.
التشغيل التجريبي بنهاية 2025
ومع اقتراب موعد التشغيل التجريبي لمحطة هاتشيسون بنهاية عام 2025، يترقب القطاع اللوجستي في مصر مرحلة جديدة من النمو.
وأكد المهندس محمد خليل، مدير مشروع تطوير ميناء السخنة، أن الأعمال تسير وفق الجدول الزمني، مع اكتمال 100% من أعمال الأرصفة والحفر، واستكمال الإنشاءات الإدارية حاليًا، حيث يعكس هذا الإنجاز التزام مصر بتحقيق رؤيتها الطموحة لتصبح مركزًا عالميًا للنقل واللوجستيات.
وتعد محطة حاويات هاتشيسون بميناء السخنة أكثر من مجرد مشروع بنية تحتية، إنها رمز للطموح المصري والشراكات الدولية الناجحة، ومع التكنولوجيا الذكية، والكفاءة التشغيلية، والالتزام بالاستدامة، تستعد المحطة لإعادة تعريف معايير الموانئ في المنطقة.
وبينما تستقبل المحطة أوناشها العملاقة وتستعد للتشغيل التجريبي، تظل مصر على موعد مع مستقبل واعد يعزز مكانتها كبوابة تجارية تربط القارات.