أسواق آسيا تتأرجح بين تهديدات ترامب الجمركية وضبابية الفيدرالي الأمريكي
سادت حالة من القلق والترقب في الأسواق الآسيوية خلال تعاملات اليوم الجمعة، مع تصاعد التوترات التجارية بفعل التهديدات الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتزايد الغموض حول توجهات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ما دفع مؤشرات الأسهم والعملات الآسيوية إلى تحركات متباينة عكست هشاشة الثقة في الأسواق.
مكاسب محدودة وخسائر متفاوتة بين البورصات الآسيوية
ورغم الأجواء المضطربة، تمكنت بعض الأسواق من تسجيل مكاسب، إذ صعدت الأسهم الفلبينية بأكثر من 1% لتصل إلى أعلى مستوياتها في أسبوعين، كما ارتفع المؤشر الرئيسي في سنغافورة بنسبة 0.6%، مدفوعًا بعمليات شراء انتقائية لأسهم التكنولوجيا والخدمات المالية.
في المقابل، هبط مؤشر "كوسبي" الكوري الجنوبي بنسبة 1.2% متأثرًا بعمليات جني أرباح واسعة النطاق، رغم أن المؤشر لا يزال مرتفعًا بأكثر من 13% منذ بداية الشهر، مسجلاً أفضل أداء شهري له منذ نوفمبر 2020.
أما في تايلاند، فقد تراجع مؤشر SET بنسبة 1.5%، لكنه لا يزال متجهاً لتحقيق أفضل أسبوع له في 8 أسابيع، بعد أن قرر البنك المركزي التايلاندي تثبيت أسعار الفائدة يوم الأربعاء الماضي، في خطوة تتماشى مع توجهات أغلب البنوك المركزية في المنطقة التي تفضل التريث وسط تقلبات الأسواق العالمية.
تصعيد تجاري محتمل وتوترات في الأفق
يزداد توتر الأسواق مع اقتراب الموعد النهائي في 9 يوليو الذي حدده ترامب لفرض تعريفات جمركية جديدة انتقامية، قد تطال صادرات عدة دول آسيوية، بينها تايلاند، التي تواجه تعريفات محتملة تتراوح بين 32% و49% على بعض السلع، وسط توقعات بعقد محادثات تجارية حساسة مع واشنطن الأسبوع المقبل.
ويُنظر إلى هذه التهديدات كعامل ضغط كبير على الأسواق، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها اقتصادات آسيا النامية في أعقاب ارتفاع تكاليف التمويل وتباطؤ الطلب العالمي.
ضبابية الفيدرالي الأمريكي والدولار في وضع الانتظار
في سوق العملات، حافظ الدولار الأمريكي على استقراره وسط توقعات متزايدة بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه إلى مزيد من التيسير النقدي، في ظل تكهنات متزايدة بأن الرئيس ترامب قد يعمد إلى استبدال رئيس الفيدرالي جيروم باول بشخصية أكثر مرونة حيال خفض الفائدة.
ويُنتظر اليوم صدور بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) في الولايات المتحدة – وهو المؤشر المفضل للفيدرالي لقياس التضخم – والتي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على قرارات السياسة النقدية خلال الأشهر المقبلة.
تحركات العملات: الدولار التايواني في الصدارة
برز في أسواق العملات الدولار التايواني، الذي صعد بنسبة 0.7% ليصل إلى أعلى مستوياته منذ أبريل 2022، مدعومًا بتدفقات رأسمالية قوية وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية.
وقال أحد المتعاملين في بنك تايواني: "الطلب القوي من المستثمرين الأجانب على أصول تايوان، إلى جانب تراجع الدولار الأمريكي، يمنح عملتنا زخماً قد يجعلها الأقوى في آسيا خلال الفترة المقبلة".
في المقابل، تراجع البات التايلاندي بنسبة 0.1%، والون الكوري الجنوبي بنسبة 0.2%، إلا أن الأخير لا يزال متجهاً لتسجيل أفضل أداء أسبوعي منذ بداية يونيو، فيما بقيت الأسواق في إندونيسيا وماليزيا مغلقة بسبب عطلات رسمية.
خلاصة المشهد الآسيوي
تتجه الأسواق الآسيوية نحو مرحلة من التذبذب المدفوع بالمخاطر السياسية والنقدية، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات الأمريكية التجارية والنقدية. وفي ظل قرب استحقاقات مهمة مثل مفاوضات التعريفات وبيانات التضخم الأمريكية، يُتوقع أن تبقى الأسواق في وضع "الترقب الدفاعي" حتى تتضح الصورة.
