"أدنوك" الإماراتية تتقدم بعرض استحواذ ضخم على "سانتوس" الأسترالية بقيمة 18.7 مليار دولار

في خطوة تعكس توسّعاً جيوسياسيًا واستثماريًا متسارعًا لدولة الإمارات في أسواق الطاقة العالمية، أعلنت شركة "سانتوس" الأسترالية، اليوم الإثنين، تلقيها عرض استحواذ كامل من شركة تابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، بقيمة 18.7 مليار دولار أمريكي، في واحدة من أكبر صفقات الاستحواذ في قطاع الطاقة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال السنوات الأخيرة.
تحول إماراتي نحو الأصول الاستراتيجية في آسيا والمحيط الهادئ
تُمثّل هذه الخطوة امتداداً مباشراً لسياسة التوسع الخارجي لشركة "أدنوك"، التي كثّفت في السنوات الأخيرة تحركاتها في الأسواق العالمية، سعياً إلى تنويع محفظتها الاستثمارية وزيادة حضورها في مشروعات الغاز الطبيعي والنفط منخفض الانبعاثات. وتُعد "سانتوس" أحد أكبر منتجي الغاز في أستراليا، وتلعب دوراً محورياً في سلسلة التوريد لمنطقة آسيا، خصوصاً لليابان وكوريا الجنوبية.
تأتي الصفقة في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على الغاز الطبيعي كبديل انتقالي في سياق التحول الطاقي العالمي، وهو ما يعزز أهمية هذا النوع من الأصول الاستراتيجية في السوق.
صفقة مدفوعة بالتحوّل العالمي للطاقة والأمن الإمدادي
تُعد أستراليا من أكبر الدول المصدّرة للغاز الطبيعي المسال (LNG)، ويمثل استحواذ "أدنوك" على شركة مثل "سانتوس" فرصة ثمينة للحصول على موطئ قدم قوي في سلسلة التوريد الآسيوية، في وقت يواجه فيه العالم تحديات أمن الطاقة عقب الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات المستمرة في الشرق الأوسط.
كما يعكس العرض الإماراتي رغبة أبوظبي في تسريع استراتيجيتها للتوسع في الغاز الطبيعي، الذي ترى فيه وقوداً انتقالياً هاماً نحو الحياد الكربوني، وفق أهدافها المناخية المعلنة.
مخاوف داخلية واستراتيجية في أستراليا
رغم ما تحمله الصفقة من آفاق استثمارية ضخمة، إلا أن الحكومة الأسترالية قد تفرض رقابة مشددة على الصفقة، نظراً لحساسية قطاع الطاقة داخل الاقتصاد الوطني، خاصة مع تزايد المخاوف من سيطرة كيانات أجنبية على البنية التحتية الحيوية. ومن المتوقع أن تراجع لجنة الاستثمارات الأجنبية الأسترالية (FIRB) تفاصيل العرض قبل إقراره.
أدنوك والانتقال من "محلي" إلى "عالمي"
الصفقة المحتملة تندرج ضمن استراتيجية التحول العالمية لشركة أدنوك، التي عززت في السنوات الأخيرة وجودها الدولي عبر شراكات واستثمارات خارجية، سواء في آسيا أو أوروبا أو إفريقيا. وتعد هذه المحاولة واحدة من أبرز خطوات التوسع الاستثماري منذ إدراج "أدنوك للغاز" في سوق أبوظبي للأوراق المالية.
ويُنظر إلى "أدنوك" اليوم كفاعل عالمي يمتلك القدرة على إعادة تشكيل خريطة الاستثمار في الطاقة التقليدية والمتجددة، من خلال ضخ رؤوس أموال ضخمة في أصول إستراتيجية عبر القارات.
استثمار إماراتي جريء في زمن الاضطراب العالمي
في سياق عالمي تتشابك فيه الأزمة المناخية مع اعتبارات الأمن الطاقي والجيوسياسة، يبدو أن دولة الإمارات، من خلال ذراعها النفطية "أدنوك"، تسير بثقة نحو تعزيز مركزها في النظام الطاقي العالمي، مستفيدة من احتياطاتها النقدية، ووضوح رؤيتها الاستراتيجية.
ومع تزايد الحاجة لمصادر طاقة مستقرة وموثوقة في آسيا، قد تمثّل الصفقة بداية مرحلة جديدة من النفوذ الاستثماري الإماراتي في منطقة المحيط الهادئ.