البنوك تربح والاقتصاد يكسب.. قفزة أرباح تعزز النمو في مصر

في قلب الاقتصاد المصري، تنبض البنوك كشريان حياة يغذي أحلام المستثمرين، يدعم طموحات رواد الأعمال، ويرسم ملامح مستقبل مزدهر.
وبعيدًا عن الصورة النمطية التي تربط أرباح البنوك بفوائد أدوات الدين مثل أذون وسندات الخزانة، تكشف الأرقام الحديثة عن قصة ملهمة، حيث أن البنوك المصرية تحصد إيراداتها من مصادر متنوعة، تشمل الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التمويل العقاري، والخدمات الرقمية المبتكرة، حيث تبرز إنها ليست مجرد مؤسسات مالية، بل شركاء في بناء مصر الجديدة.
وفي هذه التقرير، من بانكير، نرصد من أين تأتي البنوك المصرية بمكاسبها، ودورها في دعم الاقتصاد الوطني.
مصادر إيرادات البنوك المصرية
وتظهر بيانات 2024 قفزة نوعية في أداء القطاع المصرفي المصري، حيث ارتفع صافي عائد البنوك بنسبة 57.09% ليصل إلى 915 مليار جنيه، مقارنة بـ582.5 مليار جنيه في 2023، بزيادة قدرها 332.5 مليار جنيه.
كما سجل صافي إيرادات النشاط نموًا مذهلاً بنسبة 62.7% ليبلغ 1.1 تريليون جنيه، وهذه الأرقام ليست مجرد أرقام، بل شهادة على تنوع مصادر الإيرادات التي تشمل:
- إقراض المشروعات: تتألق البنوك في تمويل الأحلام الكبيرة والصغيرة على حد سواء، ففي بنك مصر، ارتفع صافي القروض المباشرة بنسبة 32.9% ليصل إلى 911.9 مليار جنيه بنهاية 2023، مدعومًا بنمو قروض الأفراد بنسبة 20.9% وقروض المؤسسات بنسبة 36.6%.
- التمويل العقاري: يتصدر بنك مصر المشهد بمحفظة تمويل عقاري بلغت 21 مليار جنيه، تخدم 145 ألف عميل، مع تمويلات تجاوزت 3 مليارات جنيه في 2024، مما يجعل الحلم بامتلاك منزل حقيقة ملموسة لآلاف الأسر.
- الخدمات المصرفية الرقمية: مع خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 2.25% في أبريل 2025، تحولت البنوك نحو تعزيز العمولات من خدمات مثل فتح الاعتمادات المستندية والمدفوعات الإلكترونية، مما عزز ربحيتها بطرق مبتكرة.
- الصيرفة الإسلامية: تضيء فروع الصيرفة الإسلامية، مثل "كنانة" التابعة لبنك مصر (57 فرعًا حتى يوليو 2024)، الطريق لتمويل المشروعات الصغيرة بمحفظة بلغت 7.2 مليار جنيه، محققةً توازنًا بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية.

البنوك قلب التنمية الاقتصادية النابض
والبنوك المصرية ليست مجرد خزائن للأموال، بل محركات للنمو الاقتصادي، ومن خلال مبادرات رائدة، تدعم البنوك رؤية مصر 2030:
- تمكين رواد الأعمال: يبرز منتج "إكسبريس مشروعات صغيرة" من بنك مصر كمثال ملهم، حيث استفاد 30,617 عميلًا بتمويلات بلغت 24.9 مليار جنيه حتى نوفمبر 2024، كما دعم برنامج "مشروعك" بالتعاون مع
- وزارة التنمية المحلية أحلام أصحاب المشروعات متناهية الصغر بمحفظة 5 مليارات جنيه.
- الشمول المالي والتحول الرقمي: تسعى البنوك إلى بناء مجتمع لا نقدي، عبر تعزيز المدفوعات الإلكترونية وتوسيع نطاق الخدمات المصرفية لتشمل المناطق النائية، مما يجعل الخدمات المالية في متناول الجميع.
- دعم القطاعات الاستراتيجية: شارك بنك مصر في 29 عملية تمويلية كبرى بقيمة 211.8 مليار جنيه في 2024، شملت قطاعات حيوية مثل الاتصالات، الكهرباء، والبتروكيماويات، بحصة بلغت 69 مليار جنيه، مما يعزز مكانة مصر كمركز استثماري إقليمي.
دور البنوك المصرية في دعم المشروعات القومية الكبرى
وتتجاوز البنوك دورها التقليدي لتصبح العمود الفقري للمشروعات القومية التي تشكل ملامح مصر الحديثة، وساهمت البنوك، وعلى رأسها بنك مصر والبنك الأهلي، في تمويل مشروعات ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، توسعات قناة السويس، ومشروعات الطاقة المتجددة.
وفي 2024، بلغت مساهمات بنك مصر في تمويل المشروعات القومية حوالي 100 مليار جنيه، موجهة لقطاعات البنية التحتية والطاقة النظيفة، مما ساهم في خلق آلاف فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.
كما دعمت البنوك مشروعات مثل "حياة كريمة"، التي تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة في الريف المصري، بتمويلات تجاوزت 10 مليارات جنيه حتى منتصف 2024، مما يعكس التزامها بالتنمية المستدامة.
مستقبل مشرق
مع توقعات استمرار خفض أسعار الفائدة في 2025، يرى الخبراء، أن البنوك ستحقق نموًا مستدامًا مدعومًا بزيادة الطلب على القروض والخدمات المبتكرة، وسط توقعات بارتفاع أرباح البنوك بنسبة 15-20% في 2025، مدفوعًا بالتوسع في الإقراض والتحول الرقمي المتسارع.
وفي عام 2025، تثبت البنوك المصرية أن أرباحها ليست مجرد أرقام، بل انعكاس لدورها الحيوي في دفع عجلة الاقتصاد، ومن تمويل الأحلام الصغيرة إلى دعم المشروعات الضخمة، تمتزج الربحية بالمسؤولية الاجتماعية لترسم صورة ملهمة لقطاع مصرفي ينبض بالحياة.
والبنوك ليست فقط مصدرًا للأرباح، بل شريك أساسي في رحلة مصر نحو التنمية المستدامة.