الأحد 19 مايو 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

السيطرة على وحش التضخم.. مهمة البنوك المركزية المستحيلة

الإثنين 10/أكتوبر/2022 - 04:21 م
بانكير

 

في الوقت الذي تشهد فيه أغلب دول العالم نسب تضخم غير مسبوقة، لا سيما الولايات المتحدة، تحاول البنوك المركزية السيطرة على الأسعار من خلال رفع الفائدة بقوة في الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي فعله وسيفعله الفيدرالي الأمريكي وبتشدد، الأمر الذي أدى لتقلبات الأسواق الفترة الأخيرة.

قال كبير المستشارين الاقتصاديين بشركة أليانز  محمد العريان: "إن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد ارتكب خطأين فادحين في تعامله مع التضخم".

وعزا العريان الخطأ الأول إلى وصف الفيدرالي للتضخم بشكل خاطئ بأنه مؤقت؛ حيث يعني ذلك أنه مؤقت ويمكن عكسه، لذا فلا داع للقلق بشأنه، وهو الأمر الذي ثبت عدم صحته بعد ذلك.

وأضاف العريان أن بعد إدراك وقبول الفيدرالي الأمريكي أخيرا بأن التضخم ليس مؤقتا، ظلت قراءات مؤشر أسعار المستهلكين ترتفع باستمرار بشكل متزايد، لكن رغم ذلك لم يتعامل البنك مع الأمر بطريقة حازمة إلا بعد فوات الأوان.

ركود مدمر.. تشدد كارثي
 

واستطرد العريان، أنه بعد بداية الفيدرالي الأمريكي الضعيفة بتشديده للسياسة النقدية، انتقل محافظ البنك المركزي الأمريكي من الحديث عن هبوط آمن إلى الحديث الآن عن الألم والتداعيات التي سيواجهها الاقتصاد الأمريكي.

وأشار العريان إلى أن تلك كانت أحد مشكلات الفيدرالي الأمريكي وتكلفة تأخره في الاستجابة، حيث أصبح الآن لا يتعين عليه التغلب على التضخم فحسب، بل يجب أن يستعيد مصداقيته.

وأضاف كبير المستشارين الاقتصاديين أنه يخشى أن تحركات الفيدرالي الأمريكي الآن تخاطر باحتمالية عالية للغاية لحدوث ركود مدمر كان يمكن تجنبه تماما في البداية.

وقام بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر مرة برفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 75 نقطة أساس في 21 سبتمبر، وواصلت البيانات الاقتصادية الأسبوع الماضي الضغط من أجل زيادة أخرى، مما أدى إلى اضطراب الأسواق.

انخفاض التضخم
 

توقع العريان انخفاض التضخم في الولايات المتحدة إلى حوالي 8%..

وأوضح قائلاً: الزيادة في التضخم الأساسي تعني أنه "لا يزال لدينا مشكلة تضخم"، وحتى لو استمر التضخم الأساسي في الارتفاع، فإنه سينخفض في النهاية، ولكن السؤال هل سيحدث ذلك مع تباطؤ في الاقتصاد أم ركود كبير.

وارتفعت الأسعار في الولايات المتحدة بنسبة 6.2% للسنة المنتهية في أغسطس، وهو الشهر الثامن عشر على التوالي من التضخم السنوي فوق هدفهم البالغ 2%، بينما أضاف أرباب العمل الأميركيون 263 ألف شخص إلى جداول الرواتب في سبتمبر، في إشارة إلى أن الطلب الأساسي لا يزال قوياً.

أوبك والاقتصاد الأمريكي
 

ومن ناحية أخرى، تحدث العريان عن خفض أوبك+ إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا قائلاً: هذا القرار يضر بالولايات المتحدة لأنه يخاطر بالتسبب في زيادة التضخم مرة أخرى.

لكنه أضاف أن الخفض لم يكن مفاجئًا لأن المجموعة تتطلع لحماية اسعار النفط في مواجهة تراجع الطلب، وهذا ما تفعله لكنها بالتأكيد ليست أخبارًا جيدة للاقتصاد الأمريكي.

وقال العريان إنه في حين أن قرار أوبك+ "يضر بالولايات المتحدة"، إلا أنه لا ينبغي أن يفاجئ أي شخص، مضيفا: "(أوبك) تتطلع لحماية أسعار النفط في سياق تراجع الطلب".

الفيدرالي لم ينته من مهمته بعد
 

قال بنك أوف أمريكا في مذكرة إن العملاء استفسروا بشأن ما إذا كان يتوقع حدوث تحول قريب الأجل في موقف الفيدرالي.

وأضاف: نعتقد أن تلك المخاوف مستبعدة، فوظيفة الفيدرالي الراهنة لم توشك على الانتهاء، وسيواصل زيادة الفائدة حتى يتصدع سوق العمل.

ويتوقع البنك أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي مسار التشديد النقدي حتى يصل نمو الوظائف إلى نقطة تحول وتتخذ البطالة مساراً صاعداً.

وشدد المصرف الأميركي على أنه المزيد من المفاجآت الصعودية في تقرير الوظائف ستسمح على الأرجح بدفع أسعار الفائدة إلى مستويات أعلى، وهو ما حدث بالفعل.

الركود لن يكون كانهيار 2008

وفي وقت سابق قال الاقتصادي محمد العريان إن أي ركود اقتصادي في الأفق لن يكون شديداً مثل انهيار 2008، طالما أن الاحتياطي الفيدرالي بإمكانه تجنب المزيد من الأخطاء السياسية وأن الولايات المتحدة تتخذ الخطوات الضرورية لتجنب الركود.

وكان العريان من أشد منتقدي الاحتياطي الفيدرالي لانتظاره وقت طويل لمحاربة التضخم، إذ أكد أن الاستجابة المتأخرة هي أحد الأسباب التي دفعت التضخم الأميركي نحو الارتفاع لأعلى مستوى في 41 عاماً.

وحدد العريان أربعة عوامل للمساعدة في جعل الركود الاقتصادي قصيراً:

وأشار إلى أن العامل الأول هو أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتحسين فهمه للاقتصاد وسياسته، أما الثاني فهو توفير حماية أفضل للفئات الأكثر ضعفاً من الناحية الاقتصادية.

فيما يتمثل العامل الثالث في تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الإنتاجية ورأس المال البشري في سوق العمل، أما العامل الرابع فهو مراقبة الاستقرار المالي للمؤسسات غير المصرفية عن كثب.

وشدد العريان على أن بعض تلك العوامل قد تساعد الاحتياطي الفيدرالي على استعادة مصداقيته التي فُقدت عندما أصر على أن التضخم كان عابراً.