هدنة التجارة تنعش شحنات فول الصويا.. وبكين تفضل التنويع بين أمريكا والبرازيل
اقتربت الصين من الوفاء بثلثي تعهّداتها المتعلقة بشراء فول الصويا الأمريكي، بعدما اشترت ما لا يقل عن 8 ملايين طن خلال العام الجاري، في إطار الهدنة التجارية المبرمة مع واشنطن، وفقاً لمصادر مطّلعة أشارت إلى استمرار وتيرة الحجز حتى أواخر ديسمبر.
وقالت المصادر إن الشركات المملوكة للدولة في الصين واصلت تثبيت شحنات تُخصَّص في معظمها للتحميل بين ديسمبر ومارس، في امتداد لموجة مشتريات بدأت في أكتوبر، وأسهمت في طمأنة المصدّرين الأمريكيين الذين خشوا تباطؤ الالتزام الصيني وسط غموض المهل الزمنية والتفاصيل الفنية.
وكان البيت الأبيض أعلن عقب محادثات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، أن بكين تعهّدت بشراء ما لا يقل عن 12 مليون طن من فول الصويا الأمريكي قبل نهاية العام، قبل أن يوضح مسؤولون لاحقاً أن الموعد النهائي يمتد فعلياً إلى نهاية فبراير، بينما لم تُصدر الصين تأكيداً رسمياً واضحاً بشأن حجم الشراء أو توقيته.
ورغم الإشارات الإيجابية للمصدّرين الأمريكيين، لا تعكس المشتريات الحالية تحوّلاً كاملاً في أنماط التجارة العالمية. فالشركات الصينية، خصوصاً تلك المملوكة للدولة، واصلت في الوقت نفسه شراء كميات كبيرة من فول الصويا من البرازيل والأرجنتين، في إطار استراتيجية تنويع مصادر الإمداد وتقليل المخاطر. وتشير البيانات إلى أن نحو 80% من صادرات فول الصويا البرازيلية خلال 2025 توجّهت إلى الصين، مع ارتفاع الصادرات حتى نوفمبر بنسبة 16% على أساس سنوي، وتوقعات بموسم حصاد قياسي في البرازيل.
هذا المسار المزدوج — بين العودة إلى السوق الأمريكية وتعميق الروابط مع أمريكا الجنوبية — خلق حالة من عدم اليقين بشأن اتجاه الأسعار. فقد تراجعت العقود الآجلة لفول الصويا في شيكاغو بنحو 7% في ديسمبر، في أسوأ أداء شهري منذ يوليو 2024، وسط شكوك حول حجم المشتريات المستقبلية، وغياب اتفاق رسمي نهائي يحدّد الأرقام بدقة.
ويرى محللون، بينهم بن باكنر من شركة «إيه جي ريسورس»، أن الجانب الصيني لم يقدّم حتى الآن تأكيداً واضحاً على التزام يتجاوز 12 مليون طن، بينما تشير تقديرات وساطة إلى أن بكين قد تتّجه إلى «هدف مرن» يبلغ 10 ملايين طن خلال 2025، مع إضافة مليوني طن في يناير، تبعاً لتطوّر السوق والاحتياجات المحلية.
من جهتهم، يُبدي المزارعون الأمريكيون مزيجاً من التفاؤل والحذر. ويقول مات بينيت، المزارع في ولاية إلينوي والشريك المؤسس لشركة «إيه جي ماركت دوت نت»، إن التدفق المستمر للمشتريات الصينية كان «مفاجئاً ومُرحّباً به»، لكن الأسعار غير المشجعة لا تزال تضغط على العوائد، مؤكداً أن الأسواق تحتاج إلى التزامات تفوق 12 مليون طن حتى تترجم الهدنة التجارية إلى مكاسب ملموسة.
