الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

النحاس يهدد الصناعات العالمية بأسعار قياسية وطلب مرتفع

الأربعاء 24/ديسمبر/2025 - 09:33 ص
أسعار النحاس
أسعار النحاس

تواصل أسعار النحاس تسجيل موجة صعود قوية دفعتها إلى مستويات غير مسبوقة، مع اقترابها من تحقيق أكبر مكاسب سنوية منذ عام 2009، وسط مزيج من المخاوف المتعلقة بتشديد الإمدادات وتوقعات بفرض رسوم جمركية محتملة على الواردات إلى الولايات المتحدة. وخلال تعاملات ديسمبر، تجاوزت الأسعار مستوى 12 ألف دولار للطن في بورصة لندن للمعادن، ما يعكس تحوّل المعدن الأحمر إلى محور اهتمام المستثمرين والصناعات على حد سواء.

ويستعد المتعاملون لاحتمال أن تتدفق كميات كبيرة من النحاس إلى السوق الأميركية خلال الفترة المقبلة، في محاولة لاستباق أي رسوم جديدة قد تُفرض على الواردات. ويخشى كثيرون أن يؤدي ذلك إلى نقص المعروض في بقية الأسواق العالمية، خاصة في ظل محدودية الإمدادات وتزايد الطلب المرتبط بالتحول إلى الطاقة النظيفة، وصناعة السيارات الكهربائية، وشبكات البنية التحتية.

وبحسب بيانات التداول، ارتفعت العقود إلى نحو 12,156 دولاراً للطن خلال إحدى جلسات الأسبوع، بفارق بضعة دولارات فقط عن أعلى مستوى قياسي سُجل الاثنين الماضي، قبل أن تعود للتداول حول 12,109 دولارات بحلول منتصف الجلسة في شنغهاي. وتُظهر هذه التحركات حساسية السوق لأي أخبار تتعلق بالرسوم الجمركية أو بتطورات سلاسل التوريد.

ولا تقتصر موجة الصعود على النحاس وحده؛ إذ تتجه المعادن الأساسية الستة المدرجة في بورصة لندن لتحقيق مكاسب سنوية، مدفوعة باضطرابات متكررة في جانب العرض. فرغم الإشارات التي تفيد بتراجع الطلب الصناعي في بعض الاقتصادات، فإن حالات الإغلاق المؤقت للمناجم، والتشريعات البيئية الأكثر صرامة، وارتفاع تكاليف التشغيل مجتمعةً حدّت من قدرة المنتجين على زيادة المعروض.

وفي هذا السياق، صعد الألمنيوم بنحو 16% خلال 2025، نتيجة تباطؤ نمو الإنتاج في الصين — أكبر منتج عالمي — إلى جانب ارتفاع تكاليف الطاقة في مناطق متعددة من العالم، ما دفع بعض المصاهر إلى تقليص الإنتاج. كما ارتفع الزنك بنسبة تقارب 5% بعد توقفات مؤثرة في مناجم رئيسية، فيما قفز القصدير بنحو 48% إثر تشديد إندونيسيا إجراءاتها ضد التعدين غير القانوني، وهو ما ضغط على الشحنات المتاحة للتصدير.

ويرى محللون أن تشديد السوق قد يستمر إذا لم تُترجم الاستثمارات الجديدة في المناجم ومشروعات التوسّع إلى زيادة ملموسة في الإنتاج، خاصة أن تطوير المناجم يتطلب سنوات طويلة وتكاليف رأسمالية مرتفعة. وفي المقابل، يتوقع آخرون أن يشهد الطلب بعض الاعتدال إذا تباطأ النمو الصناعي أو تراجعت وتيرة المشاريع المرتبطة بالطاقة المتجددة.

ومع اقتراب نهاية العام، يتعامل المستثمرون بحذر تجاه أي تغييرات في السياسة التجارية للولايات المتحدة أو إجراءات محتملة من الجهات التنظيمية في الدول المنتجة. كما يراقب المتعاملون تطورات أسواق العملة وأسعار الفائدة، لما لها من تأثير مباشر على تكلفة التمويل والمخاطر الاستثمارية في قطاع السلع الأساسية.

ورغم أن الارتفاعات القياسية للنحاس تعكس ثقة متزايدة في دوره الاستراتيجي ضمن الاقتصاد منخفض الكربون، فإنها في الوقت نفسه تثير مخاوف من انتقال الضغوط إلى الصناعات التحويلية وأسعار المستهلك النهائي. وبينما تترقب الأسواق مزيداً من الإشارات حول مستقبل الإمدادات والطلب، يبدو أن المعدن الأحمر ماضٍ في مسار صعودي مرشح للاستمرار ما لم تظهر عوامل جوهرية تعيد التوازن إلى السوق.