اليابان تتجه إلى مدخرات الأسر لتعويض تراجع دعم البنك المركزي لسوق السندات
تسعى اليابان إلى استغلال مدخرات الأسر، التي تُقدَّر بنحو 7 تريليونات دولار، لدعم الطلب على السندات الحكومية، في إطار مساعٍ رسمية لبناء قاعدة طلب جديدة تعوض التراجع التدريجي في مشتريات بنك اليابان، وتدعم استقرار سوق الدين في ظل توقعات بزيادة الاقتراض الحكومي.
وتعمل وزارة المالية اليابانية على إطلاق منتجات استثمارية جديدة وتقديم حوافز إضافية تستهدف المستثمرين الأفراد، مستفيدة من الارتفاع اللافت في عوائد السندات هذا العام، والذي نجح فيما أخفقت فيه الحملات الترويجية السابقة. ففي عام 2010، لجأت الحكومة إلى وسائل غير تقليدية مثل إطلاق شخصية كرتونية ترويجية عُرفت باسم «أستاذ السندات الحكومية»، كما عرضت لاحقًا عملات ذهبية لمشتري سندات إعادة الإعمار، دون أن تحقق النتائج المرجوة.
غير أن العوائد المرتفعة غيرت المشهد، إذ قفزت مبيعات السندات الحكومية اليابانية المخصصة للأفراد بنسبة 30.5% خلال عام 2025 لتصل إلى 5.28 تريليون ين، وهو أعلى مستوى تسجله منذ عام 2007، في مؤشر واضح على عودة اهتمام الأسر بسوق السندات.
وأظهرت محاضر اجتماع عقدته وزارة المالية في أواخر نوفمبر تشرين الثاني مع أكثر من اثني عشر مستثمرًا مؤسسيًا، توافقًا على أهمية تكثيف الجهود لاستقطاب المستثمرين الأفراد، باعتبارهم عنصرًا حاسمًا لتوسيع قاعدة المستثمرين وضمان استقرار السوق على المدى المتوسط والطويل.
وتزداد أهمية هذا التوجه في ظل السياسات التحفيزية التي تتبناها حكومة رئيسة الوزراء ساناي تاكاييتشي، والتي أثارت مخاوف الأسواق بشأن احتمالات زيادة الاقتراض والإنفاق العام. ومع تقلص دور البنك المركزي تدريجيًا في شراء السندات، باتت الحاجة ملحة إلى مصادر طلب بديلة.
وفي هذا السياق، تجاوز عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات مستوى 2% لأول مرة منذ نحو 26 عامًا، عقب رفع بنك اليابان أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في ثلاثة عقود، مع تلميحات بمزيد من التشديد النقدي. كما ارتفع عائد السندات لأجل 30 عامًا إلى مستوى قياسي بلغ 3.445%، ما عزز جاذبية هذه الأدوات الاستثمارية لدى الأفراد.
ويرى محللون أن الأسر باتت تُعد مصدرًا رئيسيًا لطلب جديد، في ظل تقليص مشتريات البنك المركزي وقيود رأس المال التي تحد من قدرة البنوك التجارية على توسيع حيازتها من السندات. ورغم أن السندات المخصصة للأفراد كانت تقليديًا أقل جاذبية بسبب عوائدها المنخفضة مقارنة بالسندات الموجهة للمؤسسات، فإن البيئة الحالية للعوائد المرتفعة قلبت هذه المعادلة.
وفي الأشهر الأخيرة، أطلقت شركتا إدارة أصول يابانيتان صناديق استثمار تركز على السندات الحكومية لأجل 30 عامًا، مستهدفة المستثمرين الأفراد للمرة الأولى. وأكد مسؤول في تطوير المنتجات أن هذه المستويات من العائد أصبحت «كافية للتغلب على التضخم»، خاصة مقارنة بالبدائل الخارجية مثل السندات الأميركية أو الأسترالية، التي تنطوي على مخاطر تقلبات سعر الصرف.
وتشير تقديرات أكاديمية مشاركة في مشاورات وزارة المالية إلى أن حصة الأسر من السندات الحكومية قد ترتفع إلى ما بين 5% و6% إذا جرى تحسين تصميم المنتجات. كما نقلت رويترز عن مسؤول رفيع في وزارة المالية أن الحكومة تستعد، بدءًا من يناير كانون الثاني 2027، لتوسيع السوق المستهدفة لتشمل منظمات غير ربحية وشركات غير مدرجة.
وتشمل المقترحات الأخرى إدراج السندات الحكومية المخصصة للأفراد ضمن حسابات الاستثمار المعفاة من الضرائب، وتعديل آلية تحديد الكوبونات الحالية، التي تطبق خصمًا على العوائد المرجعية مقابل حماية رأس المال، في خطوة تهدف إلى تعزيز جاذبية هذه الأدوات الاستثمارية للأسر اليابانية.
