رئيس الرقابة المالية: ضعف الادخار أصل أزمة الديون العالمية ومستقبل التنمية في أيدي الدول
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في الجلسة الحوارية الأولى لمنتدى البركة الإقليمي الخامس، الذي عُقد في القاهرة بشراكة استراتيجية مع جامعة الدول العربية، بمشاركة الدكتور علي محسن إسماعيل العلاق محافظ البنك المركزي العراقي، وأدار الجلسة الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة.
وشهدت الجلسة مناقشات معمّقة حول تمويل التنمية في ظل تصاعد أزمة الديون العالمية، ودور أدوات التمويل الأخلاقي والمستدام في دعم الاقتصادات الوطنية، خاصة في الدول النامية، في ظل التغيرات الهيكلية التي يشهدها النظام المالي العالمي.
وأكد الدكتور محمد فريد أن ضعف معدلات الادخار يُعد السبب الجوهري لتفاقم أزمة الديون، موضحًا أن غياب قنوات فعالة للادخار والاستثمار يدفع الدول إلى الاعتماد المفرط على الاقتراض، ما يؤدي إلى تراكم الديون وتحولها إلى أزمة عالمية ممتدة. وشدد على ضرورة إنشاء منظومات مالية قادرة على تحويل المدخرات إلى استثمارات منتجة تمول المشروعات القابلة وغير القابلة للتمويل التقليدي.
وأوضح رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن الدول مطالبة بتحمل مسؤولية تمويل تنميتها بأدوات وآليات متنوعة، مؤكدًا أن مستقبل الدول ونموها الاقتصادي بأيديها وحدها، من خلال حسن إدارة مواردها وبناء أطر تمويل مستدامة تقلل الاعتماد على الديون الخارجية.
وأشار الدكتور فريد إلى التحول الكبير في هيكل الدائنين عالميًا، لافتًا إلى أن الديون لم تعد تتركز كما في السابق لدى جهات تقليدية مثل نادي باريس، بل أصبحت موزعة بين أطراف متعددة، ما يزيد من تعقيد إدارة الديون ويفرض الحاجة إلى حلول تمويلية مبتكرة وأكثر مرونة.
وسلط الضوء على الجهود التي بذلتها الهيئة العامة للرقابة المالية لتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، بما يدعم أدوات التمويل المتوافقة مع الشريعة والتمويل المستدام، مثل الصكوك الإسلامية والتأمين التكافلي، مؤكدًا أن وضوح التعريفات والتنظيم كان عاملًا حاسمًا في تفعيل هذه الأدوات بعد سنوات من الجمود.
وكشف رئيس الهيئة عن طفرة كبيرة في إصدارات سندات الاستدامة بالسوق المصري، حيث تم إصدار أول سندات استدامة في عام 2024 بقيمة 100 مليون دولار، إلى جانب سندات توريق مستدامة بقيمة 499 مليون دولار، وسندات أخرى بقيمة 11.5 مليار جنيه، فضلًا عن إصدار أول صكوك استدامة بقيمة 11 مليار جنيه.
كما أشار إلى التطور اللافت في نشاط الصناديق العقارية، حيث شهد السوق تقدمًا ملحوظًا بعد التعديلات التنظيمية الأخيرة، إلى جانب توسع استخدام التكنولوجيا المالية والتمويل الجماعي، بما ساهم في توسيع قاعدة المستثمرين وتمكين شرائح جديدة من المشاركة في الاستثمار.
وأكد الدكتور فريد أن تحقيق التوازن بين الرقابة والتمكين يمثل جوهر الدور الرقابي، بما يضمن استقرار الأسواق وحماية حقوق المستثمرين، وتحويل أدوات التمويل المستدام والإسلامي إلى رافعة حقيقية لدعم الاقتصاد الحقيقي وتحقيق التنمية المستدامة.
