وول ستريت تتراجع مع تراجع رهانات خفض الفائدة وسط قراءة مربكة لبيانات سوق العمل
شهدت الأسواق الأمريكية تراجعًا ملحوظًا في جلسات التداول الأخيرة، بعدما أربكت بيانات سوق العمل المستثمرين وأضعفت الرهانات على خفض قريب لأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، رغم ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ وتيرة التوظيف.
وتراجع مؤشر “إس آند بي 500” لليوم الثالث على التوالي، في وقت اتسمت فيه تحركات الأسواق بالحذر، وسط قراءة متقلبة للبيانات الاقتصادية، دفعت المستثمرين إلى إعادة تقييم توقعاتهم لمسار السياسة النقدية خلال الأشهر المقبلة.
وأظهرت البيانات ارتفاع معدل البطالة الأمريكية إلى 4.6% في نوفمبر، وهو أعلى مستوى منذ عام 2021، مع زيادة الوظائف غير الزراعية بنحو 64 ألف وظيفة فقط، بعد تراجع حاد في أكتوبر، في ظل انكماش التوظيف الحكومي الفيدرالي. ورغم هذه المؤشرات، لم ير المستثمرون أن الضعف بلغ مستوى يدفع الفيدرالي إلى تسريع وتيرة التيسير النقدي.
وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية بشكل طفيف، في حين أظهرت عقود المبادلة أن احتمالات خفض الفائدة في يناير لا تتجاوز 20%، بينما باتت الأسواق تسعّر خفضًا كاملًا للفائدة بحلول منتصف عام 2026 فقط، في إشارة إلى تراجع توقعات التيسير السريع.
ويرى محللون أن البيانات الحالية تعكس تباطؤًا تدريجيًا في سوق العمل، وليس تدهورًا حادًا، وهو ما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مساحة للانتظار وترقب بيانات ديسمبر قبل اتخاذ أي قرارات جديدة. كما أشاروا إلى أن الاضطرابات المؤقتة التي شابت البيانات، لا سيما المرتبطة بتراجع التوظيف الحكومي، تقلل من وزنها في رسم السياسة النقدية المقبلة.
وفي أسواق السلع والعملات، استقر الدولار الأمريكي دون تغيرات كبيرة، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى نحو 55 دولارًا للبرميل، في ظل ضغوط على توقعات الطلب العالمي. في المقابل، أظهرت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى قدرًا من الصمود، ما حدّ من خسائر المؤشرات الرئيسية.
وأكد خبراء أسواق أن المستثمرين باتوا أكثر ميلًا إلى الانتقائية والحذر، مع التركيز على جودة الشركات والدخل المستدام، بدلاً من المراهنة على تحركات قصيرة الأجل مرتبطة ببيانات متقلبة. كما أشاروا إلى أن الفيدرالي، بعد تنفيذ عدة تخفيضات للفائدة سابقًا، سيحتاج إلى فترة لاستيعاب البيانات قبل أي خطوة جديدة.
وتشير التوقعات إلى أن الأسواق ستظل شديدة الحساسية للبيانات الاقتصادية القادمة، خاصة تقارير التوظيف والتضخم، مع ترجيح استمرار التقلبات إلى حين اتضاح الرؤية بشأن مسار السياسة النقدية خلال عام 2026.
