البنك الوطني السويسري يُثبّت سعر الفائدة الرئيسي عند 0.0% وسط مراقبة دقيقة للأسواق العالمية
قرر البنك الوطني السويسري، خلال اجتماعه الدوري اليوم الخميس في العاصمة برن، الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند مستوى 0.0%، وذلك في خطوة تعكس استمرار السياسة النقدية الحذرة التي يتبعها البنك في ظل التطورات الاقتصادية العالمية وتذبذب الأسواق المالية. وأكد البنك أنه سيواصل نشاطه في سوق الصرف الأجنبي حسب الحاجة، بما يضمن الحفاظ على استقرار الفرنك السويسري ومنع أي تقلبات حادة قد تضر بالاقتصاد الوطني.
وأوضح البنك في بيانه أن قرار التثبيت يستند إلى تقييم شامل لمستويات التضخم والنمو المحلي والعالمي، حيث تشير البيانات الأخيرة إلى بقاء التضخم ضمن النطاق المستهدف وعلى مسار هبوطي، بما يسمح بالحفاظ على السياسة التيسيرية دون الحاجة إلى رفع الفائدة في الوقت الحالي. وأشار البنك الوطني السويسري إلى أن توقعات التضخم للربعين القادمين تُظهر استقرارًا نسبيًا، ما يعزز من ملاءمة الإبقاء على الفائدة عند مستوى الصفر.
وبحسب ما ذكره راديو "لاك" السويسري، فقد حافظت الودائع تحت الطلب لدى البنك الوطني على مستويات مستقرة خلال الأسابيع الماضية، وهو ما يعكس استقرارًا في السيولة داخل النظام المصرفي، وعدم وجود ضغوط مفاجئة تتطلب تعديلًا في السياسة النقدية. ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه الاقتصاد السويسري حالة من التوازن النسبي، مدعومًا بأداء قوي لقطاعي التصدير والخدمات المالية.
ويرى محللون اقتصاديون أن قرار البنك الوطني يأتي متسقًا مع توقعات الأسواق، حيث تشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن الوضع العام في سويسرا لا يستدعي أي تغييرات سريعة في أسعار الفائدة. ومع ذلك، أشاروا إلى أن البنك يظل في حالة استعداد دائم للتدخل في سوق الصرف الأجنبي من أجل تجنب ارتفاع مفرط في قيمة الفرنك، الذي يُعد من أكثر العملات الآمنة جاذبية للمستثمرين خلال فترات الاضطراب العالمي. وقد يؤدي ارتفاع الفرنك إلى الضغط على الصادرات السويسرية، وهو ما يسعى البنك إلى تجنبه.
وفي الوقت ذاته، أكد البنك الوطني أنه يتابع عن كثب التطورات العالمية، خاصة مسار السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، نظرًا لتأثيرها المباشر على تدفقات رأس المال وحركة العملات. ويرى المركزي السويسري أن الحفاظ على سياسة مستقرة يوفر بيئة مناسبة للقطاع المالي والشركات، ويساعد على دعم الاستثمارات المحلية.
ومن المتوقع أن يركز البنك في اجتماعاته القادمة على تقييم آثار التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، خاصة ما يتعلق بالتضخم المستورد وارتفاع أسعار الطاقة، بالإضافة إلى مراقبة أداء القطاعات الاقتصادية المحلية، وفي مقدمتها الصناعة والسياحة والخدمات المصرفية. ويؤكد خبراء أن استمرار البنك في سياسة التثبيت يعكس ثقة في قدرة الاقتصاد السويسري على الحفاظ على وتيرته الحالية دون الحاجة إلى تشديد نقدي.
ويأتي قرار البنك الوطني السويسري في وقت تتجه فيه عدة بنوك مركزية حول العالم إلى تبني نهج أكثر حذرًا، وسط حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل التضخم ومسار النمو العالمي، ما يجعل السياسات النقدية عرضة للمراجعة المستمرة خلال الفترة المقبلة.
