الأسهم الآسيوية تسجل أكبر نزوح للأموال الأجنبية منذ 6 أعوام بفعل مبيعات التكنولوجيا
شهدت الأسهم الآسيوية أكبر تدفقات أجنبية خارجة خلال شهر واحد منذ ما يقرب من ست سنوات في نوفمبر الماضي، في ظل موجة بيع مكثفة ضربت أسهم التكنولوجيا مرتفعة التقييم، ما أدى إلى تقليص شهية المستثمرين الدوليين تجاه المخاطر في أسواق المنطقة. وأظهرت بيانات المؤسسات الدولية المعنية بتتبع تدفقات المحافظ الاستثمارية أن المستثمرين الأجانب سحبوا مليارات الدولارات من أسواق الأسهم في الصين وكوريا الجنوبية وتايوان والهند، وهي الأسواق التي تُعد الأكثر حساسية لتقلبات قطاع التكنولوجيا.
وبحسب محللين في الأسواق المالية، جاءت عمليات الخروج المكثفة نتيجة مزيج من العوامل، أبرزها المخاوف المتزايدة بشأن ارتفاع التقييمات في شركات التكنولوجيا الآسيوية التي شهدت قفزات سعرية كبيرة خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى تراجع توقعات الأرباح على المدى القصير، وارتفاع الضبابية بشأن الطلب العالمي على أشباه الموصلات والمنتجات الإلكترونية.
وتشير البيانات إلى أن الصين سجلت النصيب الأكبر من التدفقات الخارجة، إذ استمرت مخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ تعافي الاقتصاد، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، وتواصل الضغوط على قطاعي العقارات والتكنولوجيا مع تشديد الجهات التنظيمية قواعد الامتثال. كما ساهمت التقلبات في سعر اليوان واتساع الفجوة بين العائدات الأمريكية ونظيراتها الصينية في زيادة جاذبية الأصول المقومة بالدولار على حساب الأصول الآسيوية.
وفي كوريا الجنوبية، أدت المخاوف من تباطؤ الطلب العالمي على الرقائق الإلكترونية إلى تراجع ملحوظ في أسهم الشركات الكبرى العاملة في هذا القطاع، وهو ما انعكس مباشرة على تدفقات المحافظ الأجنبية. أما تايوان، التي تُعتبر مركزًا عالميًا لصناعة أشباه الموصلات، فقد تأثرت هي الأخرى بانخفاض شهية المخاطرة، حيث قام المستثمرون بتقليص مراكزهم في أسهم الشركات المرتبطة بسلاسل توريد التكنولوجيا.
وفي الهند، ورغم استمرار الاقتصاد الهندي في تسجيل معدلات نمو قوية، إلا أن ارتفاع الأسعار السوقية لعدد من الشركات التكنولوجية الكبرى إلى مستويات وصفت بـ"الممتدة"، دفع المستثمرين الأجانب إلى جني الأرباح وتخفيف مراكزهم، وسط توقعات بحدوث تصحيح سعري محتمل خلال الربع الأول من عام 2026.
ويرى خبراء اقتصاديون أن موجة الخروج الموسعة تعكس تحولًا مؤقتًا في توجهات المستثمرين العالميين نحو الأصول الأكثر أمانًا، خاصة في ظل توقعات متباينة بشأن مسار أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة. ويعتقد البعض أن استمرار التشديد النقدي في الولايات المتحدة، ولو بوتيرة أقل، سيبقي الضغط قائمًا على الأسواق الآسيوية، خاصة الأسواق عالية الانكشاف على التكنولوجيا.
ومع ذلك، يرى محللون آخرون أن التراجعات الحالية قد توفر فرصًا استثمارية على المدى المتوسط، خاصة في ظل استمرار الطلب العالمي طويل الأجل على التقنيات الحديثة والرقائق الإلكترونية، مؤكدين أن أساسيات العديد من الشركات الآسيوية ما تزال قوية.
وفي الوقت ذاته، دعت مؤسسات مالية آسيوية إلى تعزيز التنسيق بين الجهات التنظيمية وحكومات المنطقة لدعم استقرار الأسواق وتحسين مستويات الشفافية، بما يساعد على استعادة ثقة المستثمرين الأجانب خلال المرحلة المقبلة. وأكدت التقارير أن قدرة الأسواق الآسيوية على التعافي تتوقف على مدى وضوح السياسات الاقتصادية، وتوازن التقييمات السعرية، واستمرار تحسن المؤشرات الكلية، خاصة في الصين والهند.
