العمل لا يتوقف.. أعمال حفر وتنقيب جديدة ستغير الاقتصاد النفطي في مصر
في خطوة استراتيجية تعكس التزام مصر بتعزيز استقلاليتها في مجال الطاقة، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن اتفاقيات جديدة مع شركات أجنبية لتوسيع عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي.
ومع اقتراب نهاية العام المالي 2025/2026، تتسارع الجهود لتحقيق أهداف الإنتاج، حيث يتوقع أن تغير هذه الأعمال مسار الاقتصاد النفطي في البلاد، ووفقًا لتقارير حديثة، سيبدأ حفر 26 بئرًا استكشافية في الربع الأول من 2026، مما يعزز من فرص الاكتشافات الجديدة ويقلل من فاتورة الاستيراد.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل الدقيقة لهذه التطورات، مع التركيز على الاتفاقيات، النجاحات الحديثة، والتأثيرات الاقتصادية المتوقعة.
اتفاق وزارة البترول على حفر 26 بئرًا استكشافية للنفط والغاز في 2026
وفي اجتماع مشترك جمع مسؤولي الوزارة مع الشركات المنتجة، تم الاتفاق على برنامج طموح لحفر 26 بئرًا استكشافية خلال الربع الأول من عام 2026، بدءًا من يناير المقبل.
يأتي هذا البرنامج بالتوازي مع عمليات التنمية للآبار القائمة، بالتنسيق مع الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس".
وستركز المناطق الرئيسية على الصحراء الغربية، التي ستستحوذ على 16 بئرًا لإنتاج النفط، إضافة إلى 3 آبار في خليج السويس، أما الغاز الطبيعي، فيعد التركيز على 5 آبار في المياه العميقة بالبحر المتوسط، وبئرين في دلتا النيل، للوصول إلى حقول جديدة يمكن وضعها على خريطة الإنتاج قبل نهاية العام المالي الجاري.
تأتي هذه الخطط في إطار استراتيجية أوسع لتعزيز الاستكشافات، حيث يتم التنسيق مع "إيجاس" والشركاء الأجانب يعتمد على برامج المسح السيزمي الأخيرة في دلتا النيل، البحر الأحمر، والمتوسط.
وهذا يقلل من المخاطر ويفتح فرص استثمارية جاذبة، مما يشجع الشركات على التوسع في أنشطتها داخل مصر.
كما تم الاتفاق على تحفيز الآبار المنتجة حاليًا باستخدام كيماويات، عمليات حقن، وأنظمة حفر عميق، لزيادة الإنتاجية بنسبة 15% خلال النصف الثاني من 2025/2026، سواء في المناطق البرية أو البحرية.
نجاح بئر شمال البسنت 1
وأضاف الإعلان الأخير لوزارة البترول بريقًا إضافيًا لهذه الجهود، مع الإعلان عن نجاح شركة الوسطاني للبترول في حفر البئر الاستكشافية "شمال البسنت – 1" بمنطقة الدلتا.
ووفقًا لنتائج الاختبارات، يحتوي المخزون المضاف على ما بين 15 و25 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، مع إنتاج مبدئي يصل إلى 10 ملايين قدم مكعب يوميًا.
يأتي هذا الاكتشاف في إطار برنامج استثماري مشترك مع شركة دانة غاز الإماراتية و"إيجاس"، يشمل حفر 11 بئرًا جديدة للكشف عن مزيد من موارد الغاز خلال الفترة المقبلة.
وهذا النجاح ليس معزولاً، إذ يعزز من ثقة المستثمرين في المناطق الدلتا، حيث تعد البنية التحتية القائمة في غرب دلتا النيل والبحر المتوسط مثالية لربط الحقول الجديدة بالشبكة الوطنية.
ويتوقع أن يساهم هذا الاكتشاف في رفع إنتاج الغاز، مما يدعم هدف مصر بالعودة إلى الاكتفاء الذاتي بحلول 2027، مع استهداف 6.6 مليار قدم مكعب يوميًا.

خطط طويلة الأمد
وتتجاوز الرؤية الحكومية الإطار القصير، حيث أعلن وزير البترول كريم بدوي عن خطة لـ480 بئرًا استكشافية على مدار خمس سنوات باستثمارات تتجاوز 5.7 مليار دولار، منها، 101 بئر في 2026 وحدها، موزعة على 67 في الصحراء الغربية، 9 في الدلتا، و14 في البحر المتوسط، مع هدف اكتشاف مخزونات تصل إلى 12 تريليون قدم مكعب من الغاز.
كما وقعت الشركة المصرية للبترول (EGPC) اتفاقية بقيمة 30 مليون دولار مع شركة Cheiron لاستكشاف وإنتاج النفط، تشمل حفر 4 آبار جديدة في خليج السويس، بالإضافة إلى منحة قدرها مليون دولار لدعم العمليات.
وهذه الخطط تستهدف إضافة 1.1 مليار قدم مكعب غاز و200 ألف برميل زيت يوميًا، مما يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.
ومع التركيز على الاستكشاف في المياه العميقة، يتوقع أن تشهد 2026 أكبر عدد من الآبار الاستكشافية في تاريخ القطاع.
من 530 ألف برميل نفط إلى الاكتفاء الذاتي
وحاليًا، يبلغ إنتاج مصر من النفط الخام نحو 530 ألف برميل يوميًا، إضافة إلى 4.2 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز، يغطي 65-70% من احتياجات السوق المحلية.
ومع ذلك، تسعى الوزارة لرفع هذه الأرقام لتقليل الاعتماد على الاستيراد، الذي يثقل كاهل الاقتصاد.
والهدف الرئيسي هو الوصول إلى 6.6 مليار قدم مكعب غاز يوميًا بحلول 2027، مما يعيد مصر إلى مرحلة التصدير النشط.
وتدعم هذه الجهود تسهيلات حكومية، بما في ذلك تطوير البنية التحتية وتقليل المخاطر الاستكشافية، مما يجذب استثمارات أجنبية تصل إلى مليارات الدولارات.
تحول نحو نمو مستدام في قطاع الطاقة المصري
وستغير هذه الأعمال الاقتصاد النفطي في مصر جذريًا، حيث يُتوقع أن تخلق آلاف الوظائف، تعزز الصادرات، وتقلل الفاتورة الاستيرادية بنسبة تصل إلى 20% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
كما ستعزز من الشراكات الدولية، خاصة مع الإمارات وأوروبا، في ظل أزمة الطاقة العالمية، ومع الالتزام بالاستدامة، تركز الخطط على تقنيات صديقة للبيئة، مما يجعل مصر نموذجًا للتنمية الطاقوية في المنطقة.
