القاهرة تتوسع في قطاع العقارات السعودي.. وشركات مصرية تدخل السوق بقوة
في ظل التحولات الاقتصادية السريعة التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، أصبحت السوق العقارية فيها وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية، وخاصة من الشركات المصرية التي ترى فيها فرصاً هائلة للنمو.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، يشهد قطاع العقارات السعودي تدفقاً متزايداً من الشركات المصرية الرائدة، مدعوماً باتفاقيات استراتيجية ومشاريع مشتركة تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.
وهذا التوسع ليس مجرد انتقال للأعمال، بل يعكس شراكة اقتصادية أعمق بين القاهرة والرياض، حيث يتوقع أن يصل حجم الاستثمارات المصرية في السعودية إلى مستويات قياسية خلال السنوات الخمس القادمة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التطورات الأحدث، والدور البارز للشركات المصرية وفرص الاستثمار في سوق يقدر بحوالي 1.5 تريليون ريال سعودي.
توسع الشركات المصرية في سوق العقارات السعودي
وشهد عام 2025 زخماً غير مسبوق في دخول الشركات المصرية إلى السوق العقارية السعودية، حيث أعلنت أكثر من 10 شركات جديدة دراسة فرص الاستثمار في المملكة، إلى جانب الإمارات وعمان، وفقاً لتصريحات المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، محمد يوسف.
وهذا التوسع يأتي مدعوماً بتغييرات في فلسفة السكن السعودية، التي تركز على المشاريع الذكية والمستدامة، مما يفتح أبواباً واسعة أمام الخبرة المصرية في التطوير العمراني.
ومن أبرز الخطوات، دخلت إحدى أعرق شركات المقاولات المصرية السوق السعودي بعقد تطوير كبير مع الشركة الوطنية للإسكان (NHC)، بقيمة تصل إلى مليار دولار، خلال مشاركتها في معرض "سيتي سكيب السعودية" في نوفمبر 2025.
كما أعلنت خمس شركات تطوير عقاري مصرية رئيسية توسعها في السعودية، بما في ذلك بالم هيلز، مجموعة طلعت مصطفى، تطوير مصر، العتال، والأهلي صبور، التي دخلت أيضاً السوق العماني.
وهذه الشركات تركز على مشاريع سكنية وتجارية في مدن مثل الرياض وجدة، مستفيدة من الطلب المتزايد على الوحدات السكنية المتوسطة التكلفة.
وبالإضافة إلى ذلك، أطلقت "مدينة مصر" شراكة مع "وهيج العقارية" السعودية في يونيو 2025 لدراسة تنفيذ مشاريع سكنية وإدارية، مما يُعد خطوة استراتيجية لتعزيز التواجد المصري في المناطق الحضرية السعودية.
وفي نوفمبر 2024، أعلنت "ماونتن فيو" المصرية دخولها السوق بالشراكة مع "مايا العقارية"، وتستعد وأطلق أول مشاريعها في الرياض خلال النصف الأول من 2025، مع خطط لثلاثة مشاريع كبرى في غضون خمس سنوات.
وهذه التطورات تعكس توقعات بزيادة التجارة بين مصر والسعودية بنسبة 86% خلال السنوات الخمس القادمة، وفقاً لتقرير بنك HSBC الصادر في نوفمبر 2025.
قصة نجاح مصرية على الأراضي السعودية
ةفي قلب هذا التوسع، تبرز مجموعة "إنترو القابضة" كأحد أبرز اللاعبين المصريين، وكشف رئيس مجلس الإدارة أيمن عباس، عن اقتراب تنفيذ مشروع عقاري جديد في السعودية، واصفاً السوق بأنها "واعدة للغاية في ظل تغير فلسفة السكن".
والمجموعة، التي بدأت أعمالها في مصر عام 1980، تمتلك محفظة متنوعة تشمل التجارة، النفط والغاز، الهندسة، والعقارات، وتوسعت في الخدمات البترولية عبر شركة "أديس" المدرجة في سوق الأسهم.

وأبرز اهتمام "إنترو" بالمشروعات الخضراء في السعودية، خاصة في قطاع تدوير البلاستيك، حيث تعد المملكة من أعلى الدول في استهلاكه.
وفي أكتوبر 2024، كشف عباس عن شراء مصنع لتدوير النفايات في جدة بقيمة 20 مليون دولار، وهو خطوة أولى نحو مشاريع مستدامة.
وداخل مصر، تخطط المجموعة لإنشاء فندق "بوتيك" بطاقة 100 غرفة على بعد 5 كيلومترات من المتحف المصري الكبير، معتبراً السياحة "أكبر فرصة للنمو" في ظل نقص الغرف الفندقية.
ويرى عباس أن السوق المصرية ما زالت واعدة رغم الاضطرابات العالمية، خاصة في الإنشاءات، الأغذية، والسياحة، مع فرص كبيرة في الحوسبة والذكاء الاصطناعي بفضل انخفاض تكاليف الإنشاءات.
كما تتجه "إنترو" نحو مشروعات خضراء في مصر لخفض استهلاك الطاقة في المصانع بتكنولوجيا حديثة.
الشركات المصرية الرائدة تدخل السوق بقوة
ولا يقتصر الدخول على "إنترو"، إذ أعلنت 25 شركة عقارية مصرية دراسة فرص الاستثمار في السعودية منذ سبتمبر 2024، مع تسريع الخطوات في 2025.
ومن بينها، أقامت "الأهلي صبور" شركة تابعة في السعودية، بينما أطلقت "حسن علام" مشاريع مشتركة في الرياض. كما احتضنت الرياض أكبر معرض عقاري مصري "عقارات النيل" في أكتوبر 2025، بمشاركة كبار المطورين مثل G Developments، نيو جيزة، Nations of Sky، أورا، سوديك، وهايد بارك، مما عزز الشراكات المباشرة.
وفي الجانب المعاكس، تخطط "سمو للاستثمار" السعودية لضخ 26 مليار جنيه في مصر خلال خمس سنوات، مع إطلاق 7 صناديق عقارية سعودية بقيمة 4 مليارات ريال في التسعة أشهر الأولى من 2025.
وهذا التبادل يشمل مشروعاً مشتركاً بقيمة مليار دولار في القاهرة بين شركتين سعوديتين ومصريتين، بالإضافة إلى منصة لدعم الشركات الناشئة في تقنيات العقارات (PropTech) أطلقت في أكتوبر 2025 بشراكة مصري-سعودي.
ووصلت الاستثمارات السعودية في مصر إلى 25 مليار دولار بحلول أكتوبر 2025، مما يعكس توازناً في العلاقات الاقتصادية.
ما الذي يجذب المستثمرين المصريين؟
ويعزى هذا التوسع إلى الدعم الحكومي المتبادل، ففي مصر، وافقت هيئة الرقابة المالية (FRA) في نوفمبر 2025 على إنشاء شركتين لصناديق عقارية، بما في ذلك "tilak Real Estate Projects Fund" للاستثمار العقاري.
أما في السعودية، فإن رؤية 2030 توفر حوافز ضريبية وتسهيلات للمشاريع الخضراء، مما يتناسب مع خبرة الشركات المصرية في التطوير المستدام.
وتقرير "Destination Egypt 2025" من Knight Frank يشير إلى أن الاستثمارات العقارية في القاهرة والرياض ستكون الأكثر جاذبية للأثرياء العالميين، مع تركيز على العاصمة الإدارية الجديدة في مصر والمناطق الحضرية السعودية.
