قفزة أسعار العقارات تدفع شركات التمويل العقاري للمطالبة بالقروض المشتركة
تشهد السوق العقارية في مصر موجة ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الوحدات السكنية والتجارية والإدارية، الأمر الذي وضع شركات التمويل العقاري أمام تحديات تمويلية كبيرة خلال الفترة الأخيرة، ودفعها إلى التحرك نحو حلول أكثر مرونة تستوعب طفرة الأسعار. وفي هذا السياق، يستعد الاتحاد المصري للتمويل العقاري لتقديم مقترح رسمي إلى الهيئة العامة للرقابة المالية للسماح بتفعيل آلية القروض المشتركة (Syndicated Loans) للعميل الواحد، سواء للأفراد أو الشركات، وفقاً لتصريحات محمد الكحكي رئيس الاتحاد في مقابلة مع «الشرق».
الكحكي أوضح أن المقترح في مراحله النهائية، ويهدف بشكل أساسي إلى تمكين الشركات من التعامل مع الزيادات الكبيرة في أسعار العقارات، عبر إتاحة الفرصة أمام أكثر من جهة تمويل لتقديم قرض واحد للعميل، بما يقلل مخاطر التمويل، ويمنح الشركات مرونة أكبر في تغطية قيمة العقارات مرتفعة الثمن. ووفقاً له، فإن الآلية الجديدة تُعد خطوة ضرورية في ظل القفزات المتلاحقة للأسعار التي باتت تتجاوز قدرات شركات التمويل منفردة.
قيود قانونية في مواجهة أسعار تواصل الصعود
أيمن عبد الحميد، عضو مجلس إدارة اتحاد شركات التمويل العقاري والرئيس التنفيذي لشركة التعمير للتمويل العقاري، أكد أن التشريعات الحالية تقيد قدرة الشركات على التمويل الكامل للوحدات ذات الأسعار المرتفعة، حيث لا يُسمح بمنح عميل واحد تمويلاً يتجاوز 15% من رأس مال الشركة. ومع بلوغ أسعار بعض الوحدات الإدارية والتجارية مستويات كبيرة، تصبح الشركات غير قادرة على إتمام التمويل منفردة، ما يجعل اللجوء إلى «القروض المشتركة» خياراً عملياً وضرورياً.
وتشير أحدث بيانات هيئة الرقابة المالية إلى أن قيمة التمويلات الممنوحة من شركات التمويل العقاري سجلت نمواً سنوياً قدره 65.6% خلال أول تسعة أشهر من العام الجاري، لتصل إلى 29.4 مليار جنيه، ما يعكس زيادة ملحوظة في الطلب. وفي المقابل، تراجع نشاط إعادة التمويل العقاري بنسبة 10.8% على أساس شهري بنهاية سبتمبر، في إشارة إلى التحديات التي تواجه القطاع في ظل ارتفاع التكاليف وعدم كفاية الأدوات التمويلية الحالية.
أسعار العقارات: فجوة تتسع بين القدرة الشرائية وتكلفة التطوير
مطورون عقاريون استطلعت «الشرق» آراءهم توقعوا استمرار صعود الأسعار بمعدلات تتراوح بين 10% و12% سنوياً، مدفوعة بزيادة كبيرة في تكلفة الإنشاءات والخامات. وبحسب تقديرات السوق، يبلغ متوسط سعر المتر في المشروعات السكنية الجديدة بين 70 و80 ألف جنيه، فيما لا تقل أسعار الشقق عن 3.5 مليون جنيه، وترتفع أسعار الفيلات لتبدأ من 20 مليون جنيه.
هذا الارتفاع المتسارع في الأسعار خلق فجوة واضحة بين قدرات المواطنين الشرائية وقيمة الوحدات، ما دفع المطورين إلى الاعتماد على خطط سداد طويلة تصل إلى 14 عاماً لجذب العملاء، بينما تستمر الشركات في البحث عن أدوات جديدة تقلص المخاطر وتتيح تنفيذ عمليات التمويل بكفاءة أكبر.
القروض المشتركة.. حل لتعزيز السيولة واستيعاب طفرة الأسعار
رئيس الاتحاد محمد الكحكي أكد أن تطبيق آلية القروض المشتركة سيسهم في توسيع قاعدة التمويل، وتحسين هيكل المخاطر لدى الشركات، مع توفير سيولة مباشرة للمطورين تساعدهم على تسريع وتيرة المشروعات وضخ استثمارات إضافية في السوق. ويرى خبراء التمويل العقاري أن هذه الآلية قد تشكل نقطة تحول مهمة في ظل الارتفاعات القياسية للأسعار، خصوصاً في القطاعين التجاري والإداري.
