ارتفاع حاد في أسعار الغاز الطبيعي يفاقم أزمة قدرة الأمريكيين على تحمل التكاليف
شهدت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة ارتفاعًا حادًا وغير مسبوق، في وقت تعاني فيه الأسواق من شحن كميات قياسية من الوقود عبر البحار، مما أدى إلى تفاقم أزمة القدرة على تحمل التكاليف بالنسبة للمستهلك الأمريكي، وأثار مخاوف بشأن تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي.
وأكد اقتصاديون، من بينهم عصام الدسوقي، أن الارتفاع الأخير في الأسعار يعكس تزايد الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية للغاز الطبيعي، إضافة إلى عوامل العرض والطلب في السوق الأمريكي، لا سيما في ظل موسم الشتاء وارتفاع الاستهلاك المحلي للوقود والطاقة. وقالوا إن هذه الزيادة الحادة تؤثر بشكل مباشر على الأسر الأمريكية، حيث يضطر ملايين المواطنين لدفع مبالغ أكبر لتغطية احتياجاتهم من الغاز والكهرباء، ما يزيد من الضغوط المالية ويؤثر على القوة الشرائية.
وتشير البيانات الأولية إلى أن شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى الولايات المتحدة سجلت أرقامًا قياسية هذا الأسبوع، وهو ما يفسر جزئيًا ارتفاع الأسعار نتيجة التنافس على الموارد المحدودة. ويرى الخبراء أن الاعتماد المتزايد على استيراد الغاز الطبيعي المسال، إلى جانب الطلب المتصاعد داخليًا، قد يكون سببًا رئيسيًا في موجة التضخم الأخيرة في قطاع الطاقة، مما يفاقم الأعباء الاقتصادية على الأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف الدسوقي أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لا يقتصر تأثيره على السوق المحلية فحسب، بل يمتد إلى المشهد السياسي الأمريكي، حيث تواجه الإدارة الحالية ضغوطًا متزايدة من الكونجرس والجمهور لاتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف الأعباء على المستهلكين، بما في ذلك إمكانية دعم الأسعار أو تقديم إعانات مؤقتة للأسر منخفضة الدخل. وتؤكد التحليلات أن استمرار هذه الارتفاعات يمكن أن يؤثر على سياسات الطاقة والاقتصاد الكلي، بما في ذلك معدلات التضخم، وتكاليف الإنتاج الصناعي، وأسعار النقل، وهو ما ينعكس على القدرة التنافسية للمنتجات الأمريكية داخليًا وخارجيًا.
وفي هذا السياق، يشير الاقتصاديون إلى أن حل الأزمة يتطلب استراتيجية شاملة تشمل زيادة إنتاج الغاز المحلي، وتحسين كفاءة شبكات النقل والتخزين، إلى جانب تنويع مصادر الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة للحد من التبعية على الوقود الأحفوري المستورد. كما شددوا على أهمية التخطيط الطويل الأجل لمواجهة تقلبات السوق العالمية، وتوفير الحماية الاجتماعية للأسر الأكثر تأثرًا بارتفاع الأسعار، لتفادي تداعيات اقتصادية واجتماعية محتملة خلال الأشهر القادمة.
تأتي هذه التطورات وسط حالة من القلق بين المستهلكين الأمريكيين الذين يعانون من زيادة مستمرة في تكاليف المعيشة، مع توقعات بارتفاع الطلب على الطاقة خلال فصل الشتاء، ما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة القدرة على تحمل التكاليف في الولايات المتحدة، ويطرح تساؤلات حول استدامة النمو الاقتصادي والسياسات الحكومية المرتبطة بالطاقة والإنفاق العام.
