صناعة الصلب الأوروبية تستعد لتعافٍ قوي في 2026 مدفوعة بخفض الحصص والرسوم الجمركية
تترقب صناعة الصلب الأوروبية دخول مرحلة انتعاش حقيقي مع حلول عام 2026، بعد فترة من التراجع الحاد خلال العام 2025، إذ تشير توقعات شركات واستشاريي السوق إلى ارتفاع تدريجي في الأسعار وتحسّن مستويات الإنتاج، مدفوعين بإعادة ضبط السياسات التجارية وحزم تحفيزية موجهة للقطاع الصناعي داخل دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقاً للتقديرات الأولية المتداولة داخل السوق، من المتوقع أن تصل أسعار لفائف الحديد الساخنة القياسية (HRC) إلى نحو 750 دولارًا للطن بحلول 2026، وهو ما يمثل زيادة تفوق 100 دولار عن المستويات المتدنية المسجلة خلال الربع الأخير من 2025، التي تأثرت بانخفاض الطلب وتراجع مؤشرات التصنيع في عدة اقتصادات أوروبية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
سياسات تجارية داعمة ومعالجات تنظيمية
وتعمل الدول الأوروبية خلال الفترة الحالية على مراجعة سياسات الحماية التجارية لقطاع الصلب، لا سيما المتعلقة بحجم الحصص الاستيرادية المفروضة على واردات الحديد القادمة من آسيا والشرق الأوسط وتركيا، بالإضافة إلى النظر في زيادة الرسوم الجمركية لمنع الإغراق والحفاظ على تنافسية المنتج المحلي في مواجهة الشركات ذات التكلفة الإنتاجية المنخفضة.
كما تستهدف بروكسل تقليص الاعتماد على الموردين الخارجيين في المواد الخام الحديدية، خاصة مع ما كشفته اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية في السنوات الماضية من مخاطر استراتيجية على الأمن الصناعي الأوروبي. وتشير التوقعات إلى أن القرارات المرتقبة بشأن الحصص والرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ التدريجي بدءًا من منتصف 2025، ما يهيئ الأرضية لتعافٍ فعلي في العام التالي.
استثمارات خضراء ترفع التنافسية الأوروبية
إلى جانب الدعم التجاري، تتوسع مصانع الصلب الأوروبية في استثمارات الطاقة النظيفة والتحول نحو الإنتاج منخفض الانبعاثات، في إطار الالتزام بخطة التحول المناخي المعتمدة داخل الاتحاد الأوروبي. وتشمل هذه الاستثمارات استخدام الهيدروجين الأخضر بدلاً من الفحم في عمليات الاختزال المباشر، واعتماد تكنولوجيات جديدة للحد من الانبعاثات الكربونية.
وتتوقع مؤسسات الصناعة أن تسهم هذه التحولات في تحسين جودة المنتج وتعزيز جاذبيته للأسواق التي تفرض معايير بيئية صارمة، ما يمنح أوروبا ميزة تنافسية محسّنة على المدى الطويل، خاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للصلب مثل السيارات والطاقة المتجددة والإنشاءات.
توقعات بعودة الطلب الصناعي تدريجيًا
ورغم الظروف الصعبة التي مر بها القطاع خلال العام الحالي، يعتقد محللون أن الطلب الأوروبي على منتجات الصلب سيستعيد نشاطه بالتزامن مع تحسن قطاع البناء وعودة خطوط إنتاج السيارات إلى كامل طاقتها التشغيلية، إضافة إلى توسع مشاريع البنية التحتية الممولة حكوميًا.
ويُرجّح أن تتجه الشركات الأوروبية خلال العام المقبل إلى إعادة ملء مخزوناتها لتجنب فجوات توريد محتملة في حال تشديد القيود على الواردات، ما قد يدعم الأسعار تدريجيًا قبل الموجة الأكبر من التعافي المرتقبة في 2026.
وفي ظل هذه المؤشرات المتفائلة، يرى قادة الصناعة أن العامين المقبلين سيكونان مرحلة مفصلية لإعادة تموضع صناعة الحديد الأوروبية كمنافس قوي على خريطة الإنتاج العالمية، معتمدين على مزيج من السياسات الحمائية المدروسة والابتكار البيئي والاستثمارات الاستراتيجية في التقنيات الحديثة.
