بورصة السلع المصرية تعود من جديد.. وبشائر القطن ستطرح قبل نهاية العام
في خطوة تعكس التزام الحكومة المصرية بتعزيز الشفافية الاقتصادية وتنشيط الأسواق الزراعية، تعود بورصة السلع المصرية إلى الواجهة بعد فترة توقف دامت عامين، مع إعلانها عن بدء تداول القطن "الشعر" قبل نهاية العام الحالي.
وهذه الخطوة، التي تأتي بالتزامن مع توقعات بتراجع الإنتاج المحلي، تهدف إلى إعادة الحيوية للمنصة التي أطلقت في نوفمبر 2022، وسط آمال كبيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق عوائد دولارية.
والبورصة قد توصلت إلى اتفاق مع وزارة المالية لوضع الضوابط اللازمة، مما أسفر عن تسجيل 17 شركة تجارية حتى الآن، مع منح أسبوعين إضافيين للتسجيل.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل عودة بورصة السلع المصرية، وتأثير عودتها على الاقتصاد المصري.
تاريخ بورصة السلع المصرية
وأطلقت بورصة السلع المصرية في نوفمبر 2022 كمنصة رئيسية لتداول نحو 9 سلع استراتيجية، بما في ذلك القمح، السكر، الذرة الصفراء، وفول الصويا.
وكانت الآمال مرتفعة في أن تكون أداة فعالة لتنظيم الأسعار عبر قوى العرض والطلب، ومنع الممارسات الاحتكارية، وتقليل التكاليف التجارية.
وشهد الربع الأخير من 2023 آخر جلسات التداول الفعالة لهذه السلع، قبل أن يتوقف النشاط تدريجيًا، مع اقتصار التداولات في سبتمبر 2025 على النخالة (الردة) فقط، وفق بيانات الموقع الرسمي للبورصة.
ورغم التباطؤ، حافظت المنصة على دورها في الخطط الحكومية، في يناير 2025، استحوذ جهاز "مستقبل مصر" على حصة مسيطرة بنسبة 52.8%، تليها وزارة التموين بنسبة 21.9%، والبورصة المصرية بنسبة 9%، إلى جانب مساهمين آخرين مثل "إي إف جي القابضة"، "سي آي كابيتال"، وبنوك الأهلي ومصر والزراعي.
وهذا الاستحواذ يعكس التزام الدولة بتطوير البورصة كجزء من استراتيجية الأمن الغذائي، خاصة مع انخفاض واردات القمح بنسبة 27% في النصف الأول من 2025 إلى 5.2 مليون طن، وفقًا لبيانات تجارية حديثة.
طرح القطن في بورصة السلع المصرية
ويمثل طرح القطن الشعر أول اختبار حقيقي لعودة البورصة، حيث سيبدأ التداول بكميات محدودة تبلغ نحو 10 آلاف طن، بالتعاون مع عدد من شركات تجارة الأقطان.
والهدف الرئيسي هو تعريف السوق بآلية التداول عبر المنصة الإلكترونية، مع رفع معدلات التنفيذ تدريجيًا كلما اتسعت قاعدة المشاركين.
والبورصة قد بدأت بالفعل في الاستعداد لانطلاق الجلسات قبل نهاية العام، مما يعكس التزامًا بإعادة بناء الثقة خطوة بخطوة.
ويأتي هذا الطرح في سياق تحديات الإنتاج المحلي، حيث توقعت وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض مساحة زراعة القطن في مصر خلال موسم 2025-2026 إلى نحو 247.1 ألف فدان، مع تراجع الإنتاج بنحو 25% إلى 69.7 ألف طن.
وهذا التراجع يبرز أهمية البورصة في تحفيز الإنتاج من خلال ضمان أسعار عادلة وشفافة، مما يشجع المزارعين على الاستمرار في زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.
كما أن الاتفاق مع وزارة المالية يضمن الضوابط التنظيمية، مما يقلل من مخاطر المضاربات ويعزز من جاذبية المنصة للشركات الخاصة.

التمور تتبع القطن
وفي المرحلة التالية، سيجري طرح التمور بعد استكمال إجراءات طرح القطن، حيث تعقد البورصة اجتماعًا قريبًا مع محافظ الوادي الجديد، الذي يعد الأكبر إنتاجًا للتمور في مصر.
وتحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج التمور بإجمالي 1.8 مليون طن سنويًا، بنسبة 19% من الإنتاج العالمي، تليها السعودية والجزائر، وفقًا لبيانات حكومية.
وهذا الإنتاج الهائل يجعل التمور سلعة مثالية للتداول عبر البورصة، حيث يمكن أن تسهم المنصة في تنظيم التصدير وتحقيق عوائد إضافية، مع التركيز على الشفافية لتجنب الاحتكار في الأسواق المحلية والدولية.
هيكل الملكية في بورصة السلع المصرية ودورها في خطة التنمية 2025-2026
وفي يناير 2025، استحوذ جهاز مستقبل مصر على حصة مسيطرة بلغت 52.8% في بورصة السلع، ليصبح أكبر المساهمين، تليه وزارة التموين بنسبة 21.9%، ثم البورصة المصرية بنحو 9%.
وتشمل قائمة المساهمين أيضًا "إي إف جي القابضة"، "سي آي كابيتال"، وبنوك الأهلي ومصر والزراعي، وفق بيانات الموقع الإلكتروني للبورصة، وهذا الهيكل يعكس التزام الدولة بتطوير المنصة كجزء أساسي من استراتيجية التنمية الاقتصادية للعام المالي 2025-2026.
وتتضمن الخطة إنشاء 60 منطقة تجارية ولوجستية محورية وإقليمية بحلول 2030، مما يساهم في تقليل حلقات التداول وخفض الأسعار النهائية للمستهلكين.
وستعمل بورصة السلع كآلية تنظيمية رئيسية لتحسين الشفافية، وضبط حركة البيع والشراء في السوق المصرية، مع التركيز على جذب المستثمرين الأجانب لتداول السلع المصرية.
وهذا الدور الحاضر رغم التباطؤ السابق يؤكد أن البورصة ليست مجرد منصة تداول، بل أداة استراتيجية لدعم الأمن الغذائي والاقتصادي.
التحديات والفرص في عودة بورصة السلع المصرية 2025
وتواجه البورصة تحديات مثل التوقف السابق الذي أدى إلى تراجع الزخم، والحاجة إلى توسيع قاعدة المشاركين لضمان نجاح الطرح الأولي، ومع ذلك، توفر الفرص الهائلة، خاصة مع طرح القطن والتمور، حيث يمكن أن تقضي المنصة على الممارسات غير الشفافة وتحقق استقرارًا سعريًا يفيد المزارعين والتجار.
وفي ظل الخطط التنموية، يتوقع أن يصبح 2026 عامًا للتوسع، مع إدراج سلع إضافية تعزز من مكانة مصر كمنتج رئيسي للسلع الزراعية.
ومع اقتراب نهاية 2025، تمثل عودة بورصة السلع المصرية نقطة تحول إيجابية، حيث ستعزز الشفافية والكفاءة في تداول القطن والتمور، مما يدعم المزارعين والاقتصاد الوطني.
