برنت يرتفع مع استمرار التوترات الجيوسياسية وتعطل تداول خام غرب تكساس في الولايات المتحدة
شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا محدودًا في تعاملات الجمعة، وسط استمرار المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالأزمة بين روسيا وأوكرانيا، في وقت تعرّض فيه سوق خام غرب تكساس الوسيط الأميركي لاضطراب فني مفاجئ أدى إلى وقف التداول مؤقتًا، ما ألقى بظلال من عدم اليقين على أسواق الطاقة العالمية.
فقد صعدت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يناير بمقدار 26 سنتًا أو ما يعادل 0.4%، ليصل إلى مستوى 63.60 دولارًا للبرميل عند الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش، بينما ارتفع عقد فبراير – الأكثر نشاطًا تداوليًا – بنحو 23 سنتًا مسجلاً 63.10 دولارًا للبرميل. أما خام غرب تكساس الوسيط الأميركي، فقد توقف التداول عليه عند مستوى 59.08 دولارًا للبرميل بزيادة بلغت 43 سنتًا أو 0.73%، وذلك قبل توقف التداول بالكامل بفعل عطل تقني.
وأفاد متعاملون بأن شركة CME المشغّلة لبورصة العقود الأميركية أوقفت التداول نتيجة مشكلة تبريد حدثت في مراكز بيانات "CyrusOne"، تسببت في تأثير مباشر على جميع عقود النفط والخيارات المدرجة على منصة Globex الإلكترونية. وفي المقابل، استمر تداول خام برنت بصورة طبيعية عبر بورصة إنتركونتيننتال (ICE)، باعتباره غير مرتبط بالمنصة المتأثرة بالعطل.
عوامل الدعم والضغط في السوق
يرى محللون أن تحركات الأسعار الحالية تتأرجح بين ضغوط وفرة المعروض العالمي واحتمالات تحسن الطلب في بعض الأسواق. وقال يانيف شاه، المحلل في شركة Rystad Energy، إن قوة هوامش التكرير خارج موسم الذروة تدعم استهلاك النفط الخام في عدد من المناطق، لكن توقعات زيادة الإمدادات خلال الفترة المقبلة ما تزال تضغط على الأسعار وتحد من مكاسبها.
آفاق السلام الروسية – الأوكرانية وتأثيرها في السوق
وعلى صعيد الأزمة الجيوسياسية، تشير التطورات الأخيرة إلى أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لا تزال تراوح مكانها، رغم مؤشرات التفاؤل المحدودة. فقد دفع الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق سلام الأسعار للانخفاض مطلع الأسبوع، لكنها عادت للتماسك خلال الجلسات الثلاث الأخيرة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد أن المقترحات المطروحة من الولايات المتحدة وأوكرانيا يمكن أن تشكل أساسًا لاتفاق مستقبلي، لكنه شدد على أن موسكو ستواصل العمليات العسكرية في حال عدم التوصل إلى تسوية، ما يبقي المخاطر الجيوسياسية عنصرًا محوريًا في توجيه بوصلة السوق.
ترقّب عالمي لاجتماع أوبك+
تتجه الأنظار إلى اجتماع تحالف أوبك+ المرتقب يوم الأحد، حيث تشير مصادر داخل المجموعة إلى وجود اتجاه قوي للإبقاء على مستويات الإنتاج دون تغيير، بالتوازي مع السعي للاتفاق على آلية واضحة لتقييم الطاقة الإنتاجية القصوى لكل دولة.
وفي تطور لافت، توقعت مصادر في السوق أن تقدم السعودية – أكبر مصدر للخام عالميًا – على خفض أسعار بيع خامها إلى آسيا لشهر يناير للمرة الثانية على التوالي، لتصل الأسعار إلى أدنى مستوياتها في نحو خمس سنوات، في ظل وفرة المعروض والتوقعات المتعلقة بزيادة الفائض خلال الربع الأول من العام المقبل.
مستقبل الأسعار: بين السياسة والاقتصاد
ويرجح خبراء الطاقة أن تظل أسعار النفط محكومة بالمؤشرات الجيوسياسية والتحركات الجماعية داخل تحالف أوبك+، إضافة إلى قدرة الاقتصاد العالمي على امتصاص الإمدادات الزائدة. وبينما تسهم اضطرابات السوق الأميركية في زيادة تقلبات الأسعار على المدى القصير، تبقى التطورات الأمنية والسياسية العامل الأكثر تأثيرًا في اتجاهات السوق خلال الفترات المقبلة.
