الإثنين 08 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
أخبار

تجارة الفائدة في مصر 2025.. المستثمرين الأجانب يراهنون بقوة على أذون الخزانة

الأحد 07/ديسمبر/2025 - 09:45 م
أذون الخزانة المصرية
أذون الخزانة المصرية

شهدت سوق الدين الحكومي المصرية تحولاً دراماتيكياً في عام 2025، حيث أصبحت "تجارة الفائدة" الاستراتيجية المفضلة لدى المستثمرين الأجانب، مدفوعة باستقرار اقتصادي ملحوظ وتراجع التضخم.

ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري، قفزت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة بنحو 10.7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، لتصل إلى رقم قياسي يبلغ 42.4 مليار دولار.

وهذا الإقبال يعكس ثقة متزايدة في الاقتصاد المصري، رغم خفض معدلات الفائدة، ويأتي في سياق تعافي مؤشرات كلية تشمل استقرار سعر الصرف وتحسن التصنيف الائتماني.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل تفضيل المستثمرين الأجانب لأدوات الدين المصرية، مع التركيز على الديناميكيات الاقتصادية والطرحات الأخيرة.

ما هي تجارة الفائدة في مصر وكيف تعمل؟

وتجارة الفائدة، أو "الكاري تريد" كما يُعرفها المتخصصون، هي استراتيجية استثمارية تعتمد على استغلال الفروق في أسعار الفائدة بين العملات.

ويقترض المستثمرون أموالاً بعملة ذات فائدة منخفضة، مثل الدولار الأمريكي، ثم يستثمرونها في أصول بعملة أخرى ذات عوائد أعلى، كالجنيه المصري.

وفي مصر، أصبحت هذه الاستراتيجية جذابة بفضل ارتفاع العوائد على أذون الخزانة، التي تتراوح حالياً بين 25.4% و26.4% حسب الأجل.

ومع تحرير سعر الصرف في 2024، جذبت مصر نحو 38 مليار دولار من هذه الاستثمارات في الأشهر الأولى، وفقاً لتقارير الجزيرة نت في أغسطس الماضي.

وفي 2025، استمرت الزخم، حيث أدى تراجع التضخم إلى تعزيز الفائدة الحقيقية (العائد بعد خصم التضخم)، مما يجعل الأذون خياراً آمناً ومربحاً مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى.

ويؤكد الخبراء أن هذه التجارة لا تقتصر على الربح السريع، بل تساهم في تعزيز السيولة المحلية ودعم النمو الاقتصادي.

استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية

وأعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع أرصدة الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة إلى 2.063 تريليون جنيه بنهاية يوليو 2025، مقارنة بـ1.924 تريليون في الفترة السابقة، مما يعكس نمواً بنسبة 7%.

وفي الربع الثالث، واصلت التدفقات الإيجابية، حيث بلغت مشتريات الأجانب والعرب في السوق الثانوية 935 مليون دولار خلال الأسبوع الماضي وحده، بما في ذلك 46.38 مليون دولار من الأجانب.

أما في نوفمبر، فقد شهدت السوق طرحات حكومية مكثفة لتمويل العجز الموازني، وعلى سبيل المثال، طرح البنك المركزي أذون خزانة مقومة بالدولار بقيمة 1.5 مليار دولار في 11 نوفمبر، مع مشاركة 28 مستثمراً، وبيع ناجح بـ1.54 مليار دولار بعوائد تصل إلى مستويات تنافسية.

كما أعلن عن طرح آخر بـ90 مليار جنيه، موزعاً بين أجل 182 يوماً (35 مليار جنيه) و12 شهراً (55 مليار جنيه)، وسط إقبال كبير من المستثمرين الأجانب.

وهذه الأرقام تؤكد أن مصر أصبحت وجهة رئيسية لـ"الأموال الساخنة"، مع توقعات بوصول الاستثمارات إلى 50 مليار دولار بنهاية العام.

أدوات الدين المصرية

العوامل الرئيسية الدافعة لرهانات الأجانب

ويعزو المحللون الاقتصاديون الإقبال المتزايد إلى أربعة عوامل رئيسية تعافت بالتزامن في 2025، أولاً، تراجع معدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، مما رفع الفائدة الحقيقية إلى 8.5%، كما أوضح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد بشركة الأهلي لإدارة الاستثمارات.

وثانياً، انخفاض مخاطر مبادلة الديون وتحسن التصنيف الائتماني لمصر، الذي رفعته وكالات مثل فيتش وموديز بفضل الإصلاحات الهيكلية.  

وثالثاً، مرونة سعر الصرف، حيث تماسك الجنيه مقابل الدولار، مما قلل من تقلبات العملة وجذب المستثمرين.

وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي: "معدلات الفائدة الحقيقية في مصر ما زالت مغرية، وتسمح بتخفيضات جديدة دون فقدان الجاذبية".

ورابعاً، الاستقرار الجيوسياسي النسبي في المنطقة، خاصة بعد اتفاقيات مثل "غزة"، الذي خفف التوترات وأعطى إشارات طمأنة، كما أكدت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقاً.

وهذه العوامل مجتمعة دفعت المستثمرين إلى تعزيز رهاناتهم، رغم خفض الفائدة بنحو 625 نقطة أساس منذ أبريل.

جاذبية الفائدة الحقيقية ودور البنوك في السوق

ورغم خفض أسعار الفائدة الاسمية، حافظت الفائدة الحقيقية على جاذبيتها، حيث بلغت 8.5%، مما يفوق العوائد في أسواق ناشئة أخرى.

وأكد محمد جاد، الرئيس التنفيذي لستاندرد تشارترد مصر: "البنك المركزي يتبع نهجاً حذراً يحافظ على العوائد الجذابة ويعزز الثقة في الجنيه".

من جانب آخر، توسعت البنوك المصرية في توظيف فوائض السيولة في أذون الخزانة، حيث ارتفعت محفظتها إلى 7.113 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025، بزيادة 454 مليار جنيه.

وهذا التوسع جاء بدلاً من الاعتماد على الودائع الأسبوعية، التي انخفضت إلى 146-227 مليار جنيه، لتلبية الطلب على الائتمان مع الحفاظ على الاستقرار.

الطروحات الأخيرة وتوقعات المستقبل في سوق أذون الخزانة

وفي الأسابيع الأخيرة، أطلقت وزارة المالية حملة طروحات مكثفة، بما في ذلك أدوات دين بقيمة 2.1 مليار دولار لتغطية الاستحقاقات.

وشهدت العطاءات انخفاضاً طفيفاً في العوائد، مثل 26.39% لأجل 6 أشهر، مما يعكس الطلب القوي، كما قبلت الحكومة استثمارات جديدة بـ57.52 مليار جنيه لدعم الفجوة التمويلية.

ومعدل النمو الاقتصادي الذي بلغ 5.3% في الربع الأول، كما أعلنت وزارة التخطيط، يعزز التوقعات باستمرار الإقبال.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من مخاطر التقلبات العالمية، مثل ارتفاع الفائدة الأمريكية، التي قد تؤثر على تدفقات "الأموال الساخنة".

وأصبحت تجارة الفائدة في مصر نموذجاً ناجحاً لجذب الاستثمارات الأجنبية، مدعوماً بإصلاحات جريئة واستقرار كلي.