الصناعات الهندسية في مصر 2025.. قفزة تاريخية ستجعل مصر عملاقًا إقليميًا
في ظل التحولات الاقتصادية السريعة التي تشهدها مصر، يبرز قطاع الصناعات الهندسية كأحد أبرز محركات النمو، مساهمًا في تعزيز القدرة التنافسية الوطنية ودعم الاقتصاد المصري.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، يشهد هذا القطاع نموًا استثنائيًا، مدفوعًا باستراتيجيات حكومية مدروسة وجهود تصديرية مكثفة. وفقًا لأحدث البيانات الرسمية، بلغت قيمة الصادرات الهندسية 5.33 مليار دولار أمريكي خلال أول عشرة أشهر من العام، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 12.4% مقارنة بالفترة المماثلة في 2024.
وهذا الأداء ليس مجرد إنجاز رقمي، بل هو دليل على قدرة القطاع على التكيف مع التحديات العالمية، من ارتفاع أسعار الطاقة إلى المنافسة الآسيوية الشديدة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض أداء الصناعات الهندسية في مصر خلال 2025، والإنجازات، التحديات، والآفاق المستقبلية.
أداء الصناعات الهندسية في مصر 2025
ويعد قطاع الصناعات الهندسية أحد أعمدة الاقتصاد المصري، حيث يشمل مجالات متنوعة مثل الإنتاج الكهربائي، السيارات، الآلات الثقيلة، والمعدات الإلكترونية.
وفي عام 2025، شهد هذا القطاع تحولًا نوعيًا، مدعومًا برؤية مصر 2030 للتنمية الصناعية.
ووفقًا لتقارير المجلس التصديري للصناعات الهندسية، ارتفعت الصادرات الإجمالية إلى 5.33 مليار دولار في الفترة من يناير إلى أكتوبر، مقارنة بـ4.746 مليار دولار في العام السابق.
وهذا النمو يعكس استمرارية الاتجاه الصعودي الذي بدأ في النصف الأول من العام، حيث سجلت الصادرات 3.1 مليار دولار بنمو 15%.
كما أن شهر أكتوبر وحده شهد قفزة بنسبة 17.7%، ليصل إلى 591 مليون دولار، مما يشير إلى ديناميكية إيجابية نحو إغلاق العام بأرقام قياسية.
النمو في الصادرات وأبرز الإنجازات
وأبرز إنجازات 2025 تتمثل في كسر حاجز الصادرات السنوية المتوقعة، حيث يتجه القطاع نحو تحقيق 6 مليارات دولار لأول مرة في تاريخه، مقارنة بـ2.2 مليار دولار فقط في 2020.
وفي أول تسعة أشهر، بلغت الصادرات 4.733 مليار دولار بنمو 11.5%، مع ارتفاع بنسبة 7% في سبتمبر إلى 533 مليون دولار.
أما في أول ثمانية أشهر، فقد وصلت إلى 4.2 مليار دولار بنمو 12%، وهذه الأرقام ليست مصادفة، بل نتيجة لجهود مكثفة من المجلس التصديري، الذي نظم بعثات تجارية إلى أسواق ناشئة ومعارض دولية مثل HATS 2025، التي أطلقت في نوفمبر لتعزيز المكانة العالمية للمنتجات المصرية.
كما ساهمت الشراكات مع الإمارات العربية المتحدة في دفع هذا النمو، حيث أصبحت أكبر وجهة للصادرات الهندسية.

القطاعات الرئيسية والمنتجات البارزة
وتتنوع الصناعات الهندسية في مصر لتشمل عدة فروع رئيسية، كل منها يساهم بنسبة كبيرة في الإجمالي.
وفي 2025، قاد القطاع الكهربائي والإلكتروني النمو بنسبة 35.3%، متبوعًا بالآلات والمعدات بنسبة 22.2%.
كما شهد قطاع وسائل النقل ارتفاعًا بنسبة 15.3%، بينما بلغ نمو مكونات السيارات 11.6%، والأجهزة المنزلية 9.4%.
أما الكابلات، فارتفعت بنسبة 2.9%، ومن أبرز المنتجات: الأجهزة الكهربائية، مكونات السيارات، والمعدات الثقيلة، التي استفادت من توطين الإنتاج في مصانع جديدة.
وعلى سبيل المثال، حققت شركة إنبي ترتيبًا قياسيًا في قوائم ENR العالمية لعام 2025، صاعدة إلى المرتبة 64 بين أفضل 225 شركة تصميم دولية في قطاع النفط والغاز.
الأسواق الرئيسية والتوسع الجغرافي
وشهد عام 2025 توسعًا جغرافيًا ملحوظًا للصادرات المصرية، حيث أصبحت الإمارات الوجهة الأولى، تليها أسواق أوروبية مثل بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، والمملكة المتحدة.
وفي آسيا، برزت العراق، الأردن، لبنان، أذربيجان، والصين، بينما في أفريقيا، سجلت الجزائر، كينيا، نيجيريا، وساحل العاج نموًا قويًا، كما دخلت الولايات المتحدة كسوق واعدة.
وهذا التنويع يعكس استراتيجية المجلس التصديري في استهداف أسواق غير تقليدية، مما قلل الاعتماد على أسواق محددة وزاد الاستقرار.
الفرص والتوقعات المستقبلية
وتفتح 2025 أبواب فرص هائلة، خاصة في التحول الأخضر والتوطين الصناعي، ومن أبرزها، إنشاء 28 صناعة واعدة تشمل الهندسية والإلكترونيات، مع هدف رفع الصادرات إلى 7 مليارات دولار بنهاية العام، و20 مليارًا في خمس سنوات.
كما تبرز فرص العمل الخضراء في مكونات السيارات الكهربائية، مدعومة بمبادرات مثل بعثة HATS 2025. التوقعات تشير إلى نمو مستمر بنسبة 15-20% سنويًا، مع التركيز على الأسواق الأفريقية والأوروبية.
المبادرات الحكومية والدعم
وتلعب الحكومة دورًا محوريًا من خلال برامج الدعم المالي، الإعفاءات الضريبية، والشراكات الدولية، والمجلس التصديري ينظم فعاليات ترويجية مكثفة، بما في ذلك معارض وتدريبات فنية، لتعزيز القدرة التنافسية.
كما يدعم البرنامج الوطني للصناعة التوطين، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد.
ويعد عام 2025 نقطة تحول للصناعات الهندسية في مصر، حيث تحول التحديات إلى فرص للنمو المستدام، ومع استمرار الجهود الحكومية والخاصة، يتجه القطاع نحو أن يصبح قاطرة اقتصادية رئيسية، مساهمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
