البنوك المصرية تعيد هيكلة شهادات الادخار لمواجهة أسعار الفائدة.. ماذا فعلت؟
في ظل التحديات الاقتصادية المتسارعة وتذبذب أسعار الفائدة، أعادت البنوك المصرية هيكلة منتجات الادخار، خاصة شهادات الاستثمار، للحفاظ على جاذبيتها أمام المدخرين.
جاء ذلك بعد قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة عند 21% للإيداع و22% للإقراض في اجتماعها الأخير يوم 20 نوفمبر، مما يعكس توازنًا دقيقًا بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
ومع ارتفاع التضخم إلى 12.5% في أكتوبر الماضي، يواجه المدخرون خيارات محدودة، حيث تسعى البنوك إلى تعديل العوائد لتعويض التراجع المتوقع في الجاذبية قصيرة الأجل.
وفي هذا التقرير، من بانكير، ماذا فعلت البنوك المصرية في عام 2025 للتعامل مع أسعار الفائدة.
قرارات البنك المركزي في 2025
وشهد عام 2025 تحولات جذرية في السياسة النقدية المصرية، حيث خفضت اللجنة أسعار الفائدة بنسبة إجمالية 6.25% خلال الاجتماعات السابقة، بهدف تحفيز الاستثمار وتخفيف الضغط على الاقتصاد.
ومع ذلك، أبقت اللجنة في اجتماعها الأخير على مستويات 21% لسعر الإيداع الليلي، 22% للإقراض، و21.5% للعملية الرئيسية، استجابة لارتفاع التضخم ومخاطر جيوسياسية عالمية.
وهذا التثبيت دفع البنوك إلى إعادة هيكلة شهاداتها، مع التركيز على العوائد المتدرجة والطويلة الأجل للحفاظ على تدفق الودائع، الذي يقدر بنحو 4 تريليون جنيه في القطاع المصرفي.
ووفقًا لتقارير البنك المركزي، بلغ النمو الاقتصادي 5.2% في الربع الثالث، مدعومًا بالصناعات التحويلية والسياحة، لكن معدل البطالة ارتفع إلى 6.4%، مما يعزز الحاجة إلى أدوات ادخار آمنة وجذابة.
التغييرات الرئيسية في عوائد شهادات الادخار
وفي رد فعل سريع على قرار التثبيت، أعلنت البنوك عن تعديلات على منتجاتها، وعلى سبيل المثال، خفض البنك الأهلي المصري عائد الشهادة البلاتينية الثابتة إلى 21.25% سنويًا (بدلاً من 22.25%)، مع صرف ربع سنوي، بينما حافظ على الشهادة المتدرجة لمدة 3 سنوات عند 21% في السنة الأولى، 16.75% في الثانية، و13.5% في الثالثة، مع حد أدنى للاكتتاب 1000 جنيه.
كما طرحت شهادة سنوية بعائد 23% في السنة الأولى تنخفض إلى 18.5% ثم 14%، أما بنك مصر، فقد خفض فائدة حساب المعاشات إلى 15.75%، لكنه حافظ على شهادة "يوماتي" بعائد يومي 20.75% لمدة 3 سنوات، مما يجعلها خيارًا مرنًا للمدخرين اليوميين.
وهذه الهيكلة الجديدة تركز على التنويع في دوريات الصرف (يومي، شهري، ربع سنوي) لتلبية احتياجات متنوعة، مع الحد الأدنى المنخفض لتشجيع الادخار الصغير.
وفي سياق أوسع، أدت إعادة الهيكلة إلى انخفاض متوسط العوائد بنسبة 1% في بعض الشهادات، لكنها حافظت على معدلات تفوق التضخم الحالي، مما يضمن عائدًا حقيقيًا إيجابيًا.
أعلى عوائد شهادات الادخار في البنوك المصرية نوفمبر 2025
وفي سباق الجذب الذي يشهده القطاع المصرفي حاليًا، تتصدر بعض البنوك المشهد بعوائد لا تزال الأعلى في السوق حتى 25 نوفمبر 2025:
البنك الأهلي الكويتي يحتل الصدارة بشهادة ثلاثية تقدم عائدًا سنويًا يصل إلى 21.75% (تصرف سنويًا)، و21.25% بنظام نصف السنوي، و20.75% يوميًا، ويبدأ الاكتتاب من 1000 جنيه فقط.

ميد بنك يأتي في المركز الثاني بعائد ربع سنوي 21.25% وشهري 21% لمدة 3 سنوات، مع حد أدنى 5000 جنيه، وهو خيار مثالي لمن يبحث عن دخل منتظم.
بنك الكويت الوطني يقدم نفس مستوى الجاذبية بربع سنوي 21.25% وشهري 20.75%.
بنك قناة السويس يقدم شهادة "الحصاد" بعائد شهري 20.75% ويومي 20.25%، وهي من الأكثر شعبية بين أصحاب المعاشات والدخل الثابت.
بنك مصر يحافظ على شهادة "يوماتي" الشهيرة بعائد يومي 20.75%، وهي الأكثر مرونة لمن يريد سحب الفوائد يوميًا.
البنك الأهلي المصري يقدم الشهادة المتدرجة الجديدة بـ23% في السنة الأولى (تنخفض تدريجيًا)، وهي الأعلى على الإطلاق للعام الأول.
وهذه العوائد تجعل الشهادات الثلاثية لا تزال الملاذ الأكثر أمانًا وجاذبية مقارنة بالحسابات الجارية أو الذهب في الوقت الحالي.
التأثير على المدخرين والاقتصاد
وتعكس إعادة الهيكلة مخاوف المدخرين من فقدان القوة الشرائية، حيث يفوق التضخم 12.5% العوائد قصيرة الأجل في بعض الحالات.
ومع ذلك، توفر الشهادات طويلة الأجل حماية أفضل، مع عوائد حقيقية تصل إلى 9% بعد خصم التضخم.
واقتصاديًا، يساهم ذلك في استقرار الودائع، مما يدعم الإقراض بنمو متوقع 5% في 2026، لكنه يحد من الاستهلاك الفوري بسبب ربط الأموال طويل الأجل.
كما يواجه المدخرون مخاطر انخفاض إضافي للفائدة إذا هدأ التضخم، مما يجعل التنويع بين الشهادات والأصول الأخرى (مثل الذهب أو العقارات) ضروريًا.
كيف تختار الشهادة المناسبة؟
وأمام هذه التغييرات، ينصح المدخرون بتقييم احتياجاتهم، اختر الشهادات اليومية أو الشهرية إذا كنت بحاجة إلى سيولة، مثل "يوماتي" في بنك مصر.
وللادخار طويل الأجل، ركز على المتدرجة في البنك الأهلي لتعويض الانخفاض التدريجي، وتأكد من قراءة الشروط، حيث تسمح بعض الشهادات بإصدار بطاقات ائتمان كضمان.
ومع توقعات بانخفاض التضخم إلى 7% في 2026، قد تكون الآن الفرصة الأخيرة للعوائد العالية.
وإعادة هيكلة شهادات الادخار تمثل خطوة استراتيجية للبنوك المصرية للحفاظ على ثقة المدخرين وسط التحديات، لكنها تتطلب مراقبة مستمرة لقرارات المركزي القادمة.
ومع نمو الاقتصاد نحو الطاقة القصوى، يظل الادخار المصرفي عمودًا أساسيًا، شريطة توفير عوائد تنافس التضخم.
