تطل على الأهرامات.. مصر تطلق مشروعا يعيد تشكيل صناعة السينما العالمية
في خطوة جريئة تهدف إلى إعادة رسم خريطة صناعة السينما العالمية، أعلنت الحكومة المصرية عن إنشاء "مدينة إعلامية عالمية" تطل مباشرة على أهرامات الجيزة.
وهذا المشروع الطموح، الذي كشف عنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، يمثل تحولًا استراتيجيًا يجمع بين التراث الفرعوني والتكنولوجيا الحديثة، ليحول مصر إلى "هوليوود الشرق" الجديدة.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، يأتي هذا الإعلان كجزء من رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعزيز الاقتصاد الإبداعي، وسط دعم دولي من منظمة اليونسكو لمكانة الجيزة كمدينة إبداعية في مجال السينما.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كل المعلومات عن المشروع المصري الجديد الذي سيضع مصر على خريطة السينما العالمية.
موقع استراتيجي وتصميم مبتكر
وتقع المدينة الإعلامية الجديدة على هضبة الجيزة، على بعد خطوات من الهرم الأكبر للملك خوفو، مما يمنحها إطلالة استثنائية على أحد عجائب الدنيا السبع، وهذا الموقع ليس اختياريًا فحسب، بل هو جزء من خطة تطوير شاملة تشمل المتحف المصري الكبير، الذي افتتح مؤخرًا، ليصبح المنطقة مركزًا ثقافيًا متكاملًا.
ووفقًا لتصريحات مدبولي خلال مؤتمر صحفي، ستحتوي المدينة على استوديوهات تصوير عالمية المستوى، مصممة لاستيعاب إنتاج أفلام مصرية ودولية كبرى، بالإضافة إلى نماذج مصغرة لأحداث تاريخية وعالمية لتسهيل التصوير.
وتشمل المرافق الرئيسية فنادق وإقامات فاخرة لاستيعاب الطواقم الدولية، وأحدث التقنيات في الإنتاج الرقمي والتأثيرات البصرية، مما يجعلها منافسًا مباشرًا لاستوديوهات هوليوود وبوليوود.
وقال مدبولي: "المدينة ستكون مركزًا للإنتاج الإعلامي والتلفزيوني، تغطي الأحداث المحلية والدولية بمعايير عالمية"، مشددًا على أنها ستعتمد على الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لتسريع عمليات الإنتاج.
ومع تكلفتها المتوقعة بالمليارات، يقدر أن تبدأ أعمال الإنشاء في الربع الأول من 2026، مع استكمال المرحلة الأولى بحلول 2028.
انضمام الجيزة إلى شبكة اليونسكو
ويأتي هذا المشروع مدعومًا بانضمام محافظة الجيزة رسميًا إلى شبكة مدن الإبداع التابعة لليونسكو في مجال صناعة الأفلام، وهو إنجاز أعلن عنه في 14 نوفمبر 2025 خلال احتفال حضره وزير التعليم العالي أيمن عاشور ومحافظ الجيزة عادل النجار.
وذا الاعتراف العالمي يعزز مكانة الجيزة كركيزة للقوة الناعمة المصرية، خاصة مع بنيتها التحتية القوية التي تشمل مدينة الإنتاج الإعلامي الحالية وأكاديميات الفنون.
وقالت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية: "انضمام الجيزة يفتح أبواب التعاون الدولي وتبادل الخبرات، مما يدعم مشاريع مثل المدينة الجديدة"، مشيرة إلى تكامل الجيزة مع مدينتي أسوان والقاهرة في الشبكة نفسها.

وهذا الدعم يعني تمويلًا محتملًا من اليونسكو وشراكات مع هوليوود، حيث يتوقع أن تجذب المدينة إنتاجات أمريكية وأوروبية تبحث عن مواقع أصيلة بتكاليف أقل بنسبة 30-40% مقارنة بكاليفورنيا.
كيف ستغير مصر صناعة السينما العالمية؟
ويعد المشروع ثورة في صناعة السينما، حيث سيوفر مصر خيارًا مثاليًا للمنتجين الدوليين الراغبين في دمج الدراما التاريخية مع الإنتاج الحديث، وعلى سبيل المثال، يمكن تصوير مشاهد فرعونية أصلية دون الحاجة إلى إعادة بناء، مما يقلل التكاليف ويزيد الواقعية.
وخبراء السينما يتوقعون أن يجذب المشروع استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في السنوات الخمس القادمة، مع إنشاء 50 ألف فرصة عمل مباشرة في القطاعات الإبداعية والسياحية.
واقتصاديًا، ستعزز المدينة السياحة من خلال الترويج السينمائي، فكل فيلم دولي مصور هناك سيروج لمصر أمام ملايين المشاهدين، مما يزيد الزوار بنسبة 20% سنويًا.
كما ستساهم في تنويع الاقتصاد المصري، الذي يعتمد حاليًا على السياحة بنسبة 12% من الناتج المحلي.
تأثير المشروع على الاقتصاد المصري والسياحة العالمية
وفي سياق أوسع، يعد هذا المشروع جزءًا من استراتيجية مصر لاستعادة عرش السياحة العالمية، حيث بلغ عدد الزوار 17 مليونًا في 2025 حتى الآن، مع توقعات بارتفاع إلى 20 مليونًا قريبًا.
والمدينة ستحول الجيزة إلى وجهة هجينة تجمع بين الترفيه والثقافة، مما يجذب السياح السينمائيين مثلما حدث في نيوزيلندا بعد "سيد الخواتم".
وبالإضافة إلى ذلك، ستعزز المدينة التبادل الثقافي، حيث تخطط الحكومة لاستضافة مهرجانات سينمائية دولية سنوية، بالتعاون مع مهرجان القاهرة السينمائي.
وأكد رئيس الوزراء، أن التمويل سيأتي من شراكات حكومية-خاصة مع شركات مثل نتفليكس وديزني.
بداية عصر جديد للسينما المصرية
ومع إغلاق أبواب 2025، يمثل مشروع "المدينة الإعلامية تطل على الأهرامات" نقلة نوعية لمصر، تحولها من مكان تصوير تاريخي إلى مركز إنتاج عالمي، وبفضل دعم اليونسكو والرؤية الاستراتيجية، من المتوقع أن يغير هذا المشروع ديناميكيات صناعة السينما، مما يفتح آفاقًا للشباب المصري والعربي في عالم الإبداع.

