الذهب يستقر قرب 4100 دولار بعد خسائر استمرت يومين
استقرت أسعار الذهب العالمية خلال تعاملات اليوم الإثنين بعد موجة خسائر امتدت ليومين متتاليين، فقد خلالها المعدن النفيس أكثر من 2% من قيمته، متأثراً بتراجع التفاؤل بشأن خفض الفائدة الأمريكية في ديسمبر المقبل، إلى جانب الضبابية الكبيرة التي أحدثها أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، والذي عطّل صدور البيانات الاقتصادية الرئيسية لعدة أسابيع.
وبحسب بيانات السوق، يتم تداول الذهب حول مستوى 4088 دولاراً للأونصة، مقترباً من حاجز 4100 دولار، بعد أن تكبّد خسائر حادة في الجلسة السابقة وسط هبوط شهية المستثمرين للمخاطرة وتزايد عدم اليقين بشأن سياسة الفيدرالي الأمريكي. ويأتي هذا التماسك النسبي رغم الضغوط التي يواجهها المعدن النفيس نتيجة تبدد رهانات خفض الفائدة على المدى القريب.
تقلّص رهانات خفض الفائدة
شهد الأسبوع الماضي تراجعاً واضحاً في توقعات الأسواق بشأن إمكانية إقدام الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة في ديسمبر. فقد أوضح عدد من مسؤولي الفيدرالي، في تصريحات متفرقة، أنهم غير مقتنعين بعد بضرورة خفض تكاليف الاقتراض في ظل غياب بيانات اقتصادية حديثة حول التضخم وسوق العمل، وهو ما يضعف موقف المستثمرين الذين كانوا يتوقعون خفضاً تدريجياً للفائدة لدعم النشاط الاقتصادي.
وعادةً ما تشكّل أسعار الفائدة عاملاً حاسماً في تحديد اتجاهات الذهب، إذ تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى تعزيز جاذبية الذهب باعتباره أصلًا لا يدر عائداً، بينما يجعل رفع الفائدة الاستثمار في الأصول الأخرى أكثر إغراءً.
الإغلاق الحكومي… بيانات غائبة وسوق مرتبك
وتواجه الأسواق العالمية حالة من الارتباك منذ أن تسبب الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة بتعطيل نشر بيانات اقتصادية مهمة لمدة ستة أسابيع كاملة، بما في ذلك تقارير التوظيف والتضخم وثقة المستهلك. هذا الغياب خلق فجوة معلوماتية واسعة، جعلت صانعي السياسات أكثر حذراً وأضعفت من قدرة المتداولين على تقدير اتجاه الاقتصاد الأمريكي بدقة.
وقالت هيبي تشين، كبيرة استراتيجيي الأسواق في "فانتاج ماركتس" بملبورن، إن انتهاء الإغلاق الحكومي لا يعني انتهاء آثاره فوراً، مضيفة:
"الضبابية التي أحدثها تعطّل البيانات ما زالت تلقي بظلالها على الأسواق. الأسابيع المقبلة قد تكشف مؤشرات بالكاد نملك عنها تصوراً واضحاً."
هذا التباين في التوقعات أدى إلى انقسام واضح بين المستثمرين، إذ لم يعد خفض الفائدة في ديسمبر أمراً محسومًا كما كان قبل شهر.
ارتفاع سنوي قوي بدعم من البنوك المركزية
على الرغم من الضغوط الحالية، يظل الذهب أحد أبرز الأصول أداءً خلال عام 2024، إذ ارتفع بنحو 55% منذ بداية العام، محققاً أفضل مكاسبه منذ عام 1979. وشهد الشهر الماضي تسجيل المعدن مستوى قياسي تجاوز 4380 دولاراً للأونصة، مدفوعاً بموجة قوية من مشتريات البنوك المركزية في أنحاء العالم، إلى جانب توجه كبير من المستثمرين نحو الملاذات الآمنة وسط تصاعد المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي وبرودة محتملة في الاقتصادين الأمريكي والأوروبي.
وتوضح التحليلات أن هذه العوامل الداعمة من المرجّح أن تُبقي الاتجاه متوسط وطويل الأجل للذهب صاعداً، خاصة في ظل توقعات بضعف الدولار على المدى المتوسط وزيادة الطلب على الأصول الآمنة في فترات عدم اليقين.
تحركات المعادن الأخرى
وبحلول الساعة 9:04 صباحاً بتوقيت سنغافورة، ارتفع الذهب بنسبة 0.1% إلى 4088.16 دولاراً للأونصة، فيما صعد مؤشر "بلومبرغ" الفوري للدولار بالنسبة ذاتها. كما شهدت الفضة والبلاديوم ارتفاعاً طفيفاً، بينما ظل البلاتين مستقراً دون تغيير يُذكر.
