شركات النفط الصخري الأمريكية تواصل التوسع رغم ضغوط الأسعار العالمية
رغم تراجع أسعار النفط إلى نحو 60 دولاراً للبرميل، تواصل شركات النفط الصخري الأميركية زيادة إنتاجها مستفيدة من التحسينات التقنية التي رفعت الكفاءة وخفضت تكاليف التشغيل، في وقت يحذر فيه محللون من احتمال نشوء فائض عالمي جديد يضغط على الأسعار خلال العام المقبل.
فقد أعلنت شركات كبرى مثل "إكسون موبيل" و"دايموندباك إنرجي" و"كوتيرا إنرجي" عن خطط لزيادة الإنتاج بنسب متفاوتة خلال عامي 2025 و2026، بينما رفعت "إكسون موبيل" توقعاتها للإنتاج بنسبة 7% لتصل إلى 1.6 مليون برميل مكافئ نفط يومياً، في إشارة واضحة إلى استمرار الزخم في قطاع النفط الصخري رغم التحديات السعرية.
أرجع خبراء الطاقة استمرار هذا التوسع إلى التطورات التقنية المتسارعة في عمليات الحفر والاستخراج، التي جعلت المنتجين أكثر قدرة على ضخ كميات أكبر من الخام مقابل تكلفة أقل. وقال بن هوف، رئيس استراتيجية السلع في "سوسيتيه جنرال"، إن صناعة النفط الصخري أصبحت "قصة تكنولوجية" تعكس قدرة الشركات الأميركية على تحقيق الكفاءة في ظل ظروف السوق الصعبة.
كما كشفت "دايموندباك" عن نجاحها في خفض سعر التعادل إلى نحو 37 دولاراً للبرميل بفضل تسريع عمليات الحفر وتطوير أساليب الضخ، في حين أعلنت "كوتيرا" عن نيتها زيادة إنتاجها بنسبة 5% مع خفض النفقات من خلال تركيب شبكات كهربائية صغيرة لخفض تكاليف الطاقة في حقول غرب تكساس.
ورغم توسع الإنتاج، يشهد القطاع تراجعاً في معدلات التوظيف، حيث انخفض عدد منصات الحفر في حوض برميان بنحو 30% منذ بداية عام 2024، إضافة إلى تراجع فرق التكسير الهيدروليكي بنسبة 20%. ويرى مراقبون أن التحول نحو التشغيل الآلي واستخدام التكنولوجيا المتقدمة ساهم في تقليص الحاجة إلى الأيدي العاملة مع الحفاظ على مستويات إنتاج مرتفعة.
وقال ويل هيكي، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "برميان ريسورسز"، إن النشاط الميداني "تباطأ بشكل ملحوظ"، رغم أن الشركات ما زالت قادرة على زيادة الإنتاج بفضل الكفاءة التشغيلية وتحسين استخدام الموارد.
في المقابل، يحذر محللون من أن استمرار التوسع في الإنتاج الأميركي قد يؤدي إلى تفاقم فائض المعروض في السوق العالمية، مما قد يدفع الأسعار إلى الهبوط مجدداً. وتشير تقديرات مجموعة "ماكواري" إلى أن السوق قد تحتاج إلى انخفاض الأسعار إلى حدود 50 دولاراً للبرميل لإجبار المنتجين الأميركيين على كبح النمو.
ويقول الخبير الاستراتيجي للطاقة في المجموعة، والت تشانسيلور، إن "القطاع ما يزال متحمساً للنمو عند الأسعار الحالية، لكن هذا الحماس قد يخلق اختلالاً في التوازن يدفع السوق لإرسال إشارة توقف مؤقتة للمنتجين".
ويرى محللو السوق أن الولايات المتحدة، التي بلغ إنتاجها النفطي نحو 13.8 مليون برميل يومياً في أغسطس الماضي وفق بيانات "إدارة معلومات الطاقة"، تستعد لمرحلة جديدة من التنافس في الأسواق العالمية بفضل تفوقها التقني. إلا أن هذا التفوق قد يضعها في مواجهة مباشرة مع ضغوط الأسعار وتقلبات الطلب العالمي، خصوصاً في ظل سياسات إنتاجية مرنة تتبعها "أوبك" وحلفاؤها.
