بسبب 6.6 تريليون دولار.. الفيدرالي الأمريكي يواجه أصعب اختبار منذ 2019
يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرارا حاسما بشأن محفظته المالية التي تبلغ قيمتها 6.6 تريليون دولار، في وقت يزداد فيه الضغط على أسواق التمويل قصيرة الأجل.
ويتعين على البنك المركزي الأمريكي تحديد ما إذا كان سيوقف عملية تقليص محفظته في الأيام القليلة المقبلة أو الانتظار حتى نهاية العام، في خطوة قد تؤثر بشكل كبير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل واستقرار الأسواق المالية، وفقا لما أفاد به تقرير صحيفة «وول ستريت جورنال».
وكان المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي قد اعتقدوا في وقت قريب أنه سيتم استكمال عملية تقليص المحفظة حتى نهاية عام 2025.
ومع ذلك، ظهرت مؤشرات على زيادة الضغوط في أسواق التمويل بعد خطاب رئيس الفيدرالي، جيروم باول، في 14 أكتوبر، ما دفع بعض المسؤولين إلى التفكير في وقف عملية التقليص بشكل أسرع.
وتجدر الإشارة إلى أن الجدل القائم حول توقيت وقف تقليص المحفظة ليس مرتبطا مباشرةً بالقرار المنتظر بشأن أسعار الفائدة، حيث يترقب السوق ما إذا كان الفيدرالي سيقوم بخفض الفائدة هذا الأسبوع، في حين أن النقاش حول تقليص المحفظة يتعلق بكيفية الحفاظ على السيطرة الفعّالة على أسعار الفائدة قصيرة الأجل من دون إحداث تقلبات كبيرة في النظام المالي.
ويُذكر أن محفظة الاحتياطي الفيدرالي توسعت بشكل هائل بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، ثم تكررت هذه التوسعات خلال جائحة كورونا عندما قام الفيدرالي بشراء كميات ضخمة من السندات الحكومية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بهدف استقرار الأسواق وتحفيز الاقتصاد.
وبدأ البنك في تقليص محفظته منذ عام 2022، عبر السماح للسندات بالتفويت دون استبدالها، وهو ما يعني سحب الأموال الإلكترونية (الاحتياطيات) من النظام المالي.
وعلى الرغم من أن الهدف من تقليص المحفظة هو تجنب تكاليف سياسية ومالية مرتبطة بالحفاظ على كميات ضخمة من الاحتياطيات المربحة، فإن هذه العملية قد تؤدي إلى تقلبات غير متوقعة في أسواق التمويل قصيرة الأجل.
وشدد التقرير على أنه في حال نقص الاحتياطيات بشكل كبير، قد تحدث تقلبات مفاجئة في أسعار الفائدة التي تؤثر على معدلات الرهن العقاري وقروض الأعمال وتدفقات الائتمان.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الفيدرالي تقليص محفظته، تظهر بعض المخاطر المحتملة بسبب نقص الاحتياطيات.
كما تسببت عملية تقليص الاحتياطات في سبتمبر 2019، بحدوث اضطرابات غير متوقعة في أسواق التمويل قصيرة الأجل، ما أجبر الفيدرالي على التدخل بسرعة لضخ السيولة من جديد.
ومنذ بداية عملية التقليص في 2022، تم سحب الاحتياطيات بشكل رئيسي من منشأة إيداع منفصلة كانت تستخدمها صناديق السوق النقدية لاحتجاز الأموال، لكن هذه المنشأة باتت فارغة تقريباً، ما يترك البنوك أكثر عرضة للتقلبات.
ورغم أن الفيدرالي قلص بشكل تدريجي معدل التقليص في محفظته، إذ انخفض إلى نحو 20 مليار دولار شهريا في أبريل الماضي، فإن الأسواق بدأت تشهد ضغوطا ملحوظة في أسعار الفائدة قصيرة الأجل، ما دفع بعض الخبراء مثل لو كراندال، كبير الاقتصاديين في شركة «رايتسون آي كاب»، إلى التحذير من أن الاحتياطيات قد أصبحت على وشك الانخفاض إلى مستويات قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق.
وفي تصريحات منفصلة، أشار بعض المسؤولين إلى أن الفيدرالي قد يفضل استمرار التقليص لفترة أطول.
من جانبها، ميشيل باومان، نائبة رئيس الفيدرالي للإشراف المصرفي، عبرت في سبتمبر عن تفضيلها لاستهداف محفظة أصغر على المدى الطويل لتقليل بصمة الفيدرالي في الأسواق، بينما دافع كريستوفر والير، عضو مجلس إدارة الفيدرالي، عن إطار العمل الحالي، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على توازن في الاحتياطيات لضمان استقرار النظام المالي.
في الأيام القادمة، سيكون على الفيدرالي اتخاذ قرارات أخرى بشأن متى يمكن استئناف شراء الأوراق المالية أو حتى زيادة محفظته من جديد.
بدورهم، يترقب المحللون قرارات البنك بشأن كيفية إدارة الاحتياطيات في ظل أي توسع محتمل للديون الحكومية أو العملات، وهو ما قد يتطلب استئناف شراء الأوراق المالية لتجنب أي نقص إضافي في الاحتياطيات.
وأكد التقرير أن القرار بشأن تقليص المحفظة سيظل أحد أهم القرارات التي ستؤثر على سياسات البنك الفيدرالي في المرحلة المقبلة، وسيساهم بشكل كبير في استقرار الأسواق المالية الأمريكية والدولية.

