7 مليارات دولار من المصريين بالخارج.. خطة مصرية ستغير مصر قواعد اللعبة الاقتصادية
تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز مواردها من العملات الأجنبية من خلال خطة طموحة لجمع 7 مليارات دولار من المصريين المقيمين بالخارج خلال السنوات الأربع المقبلة، وذلك عبر المرحلتين العاشرة والتكميلية من مشروع "بيت الوطن".
وهذا المشروع، الذي أطلقته وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية في 2012، يعد أحد المصادر الدولارية غير التقليدية التي تعول عليها مصر لدعم اقتصادها.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل الخطة الحكومية، آليات تنفيذها، والسياق الاقتصادي الذي يدعم هذا الهدف.
مشروع "بيت الوطن" مصدر دولاري استراتيجي
والحكومة تستهدف جمع 7 مليارات دولار بحلول عام 2029 من خلال بيع أكثر من 18 ألف قطعة أرض جديدة للمصريين بالخارج ضمن المرحلتين العاشرة والتكميلية من مشروع "بيت الوطن".
ويشمل المشروع طرح أراضٍ في 18 مدينة سكنية جديدة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين، و6 أكتوبر، مع شرط إثبات الإقامة الدائمة خارج مصر وسداد القيمة بالدولار الأمريكي مباشرة من الخارج.
ومنذ إطلاق المشروع في 2012 وحتى مطلع 2025، نجحت مصر في جمع 10 مليارات دولار من بيع 25 ألف قطعة أرض عبر 9 مراحل رئيسية وتكميلية.
وهذا النجاح يعكس جاذبية المشروع للمغتربين، الذين يرون فيه فرصة استثمارية آمنة تربطهم بوطنهم الأم.
والدفعات المقدمة للمرحلة العاشرة بدأت بالفعل، مع توقعات بتحصيل الأقساط السنوية من 2026 حتى 2029، وفقًا لجداول سداد مرنة تتيح للمشترين تسهيلات تصل إلى 70% من قيمة الأرض عبر البنوك المصرية.
دور المغتربين في دعم الاحتياطي النقدي
وتعتمد مصر بشكل كبير على تحويلات المغتربين، التي بلغت مستوى قياسيًا في العام المالي 2024-2025، حيث سجلت 36.5 مليار دولار، بزيادة 66% مقارنة بالعامين السابقين اللذين سجلا 22 مليار دولار لكل منهما.

وهذا الارتفاع يعزى إلى إصلاحات مارس 2024، التي شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة، مما أنهى أزمة العملات الأجنبية التي عانت منها البلاد لمدة عامين.
وخلال تلك الأزمة، واجهت مصر تكدس البضائع في الموانئ بسبب نقص السيولة الدولارية، وفرضت البنوك قيودًا صارمة على المدفوعات بالدولار، مما أثر على الأفراد والشركات على حد سواء.
وتحرير سعر الصرف أعاد الثقة في القنوات المصرفية الرسمية، حيث ارتفعت التحويلات بنسبة 82.7% في الفترة من يوليو 2024 إلى مارس 2025، لتصل إلى 26.4 مليار دولار مقارنة بـ14.5 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام السابق.
وهذا النجاح دفع الحكومة إلى وضع خطة طويلة الأجل لرفع التحويلات إلى 45 مليار دولار سنويًا بحلول 2028/2029، مع التركيز على توجيه مدخرات المغتربين نحو استثمارات داخلية بدلاً من الاحتفاظ بها في الخارج بعوائد منخفضة.
جذب المغتربين عبر تسهيلات وحوافز
وتعتمد الحكومة على عدة آليات لضمان تحقيق هدف الـ7 مليارات دولار. أولاً، يتم الترويج لمشروع "بيت الوطن" عبر حملات إعلامية مكثفة بالتعاون مع السفارات المصرية في دول الخليج وأوروبا، حيث يتركز أكثر من 62% من المغتربين المصريين.
وتركز هذه الحملات على إبراز العوائد الاستثمارية المرتفعة (10-15%) مقارنة بالعوائد المنخفضة (1%) في الأسواق الخارجية.
وثانيًا، تعزز البنوك المصرية، مثل بنك مصر والبنك الأهلي، من تسهيلات الدفع عبر منصات رقمية، مثل شبكة المدفوعات اللحظية (IPN)، التي سجلت 145 ألف معاملة بقيمة 35 مليون دولار في الربع الأخير من 2024.
كما يخطط بنك مصر لفتح فروع جديدة في الخارج بحلول الربع الأول من 2026 لتسهيل تحويل الأموال بالدولار مباشرة.
وثالثًا، تقدم الحكومة حوافز إضافية، مثل برامج تعليمية تربط أبناء المغتربين بالنظام التعليمي المصري، وصكوك وسندات خضراء موجهة للمغتربين، حيث أصدرت مصر صكوكًا بقيمة 2 مليار دولار في 2025.
وهذه الجهود تهدف إلى تعزيز الارتباط العاطفي والاقتصادي للمغتربين بمصر.
وتمثل خطة جمع 7 مليارات دولار عبر "بيت الوطن" ركيزة أساسية لتعزيز الاحتياطي النقدي وتقليل الاعتماد على الديون الخارجية، ومن خلال الجمع بين الحوافز الاستثمارية والتسهيلات المالية، تسعى مصر إلى تعزيز شراكتها مع المغتربين، الذين يعدون جسورًا للتنمية المستدامة.
