صندوق النقد الدولي يدعو دول آسيا إلى خفض الحواجز التجارية
دعا صندوق النقد الدولي، اليوم الجمعة، دول آسيا إلى خفض الحواجز غير الجمركية وتعزيز التكامل التجاري الإقليمي، بهدف تقليل تعرض اقتصادات المنطقة لتداعيات الرسوم الأميركية والصدمات المالية العالمية، في ظل تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
وأوضح الصندوق في تقريره الصادر تحت عنوان «الآفاق الاقتصادية الإقليمية لآسيا»، أن التجارة كانت المحرك الأساسي للنمو في المنطقة خلال العقود الماضية، حيث لعبت الصين دورًا محوريًا كمركز رئيسي في سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي جعل الاقتصادات الآسيوية عرضة لتأثيرات أي اضطرابات في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، خصوصًا الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأشهر الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أن التوترات التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة، إلى جانب الطفرة في الاستثمارات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، أدت إلى زيادة كبيرة في حجم التجارة البينية داخل آسيا، وهو ما يبرز أهمية تعزيز التعاون التجاري بين دول المنطقة لتخفيف اعتمادها المفرط على الأسواق الغربية.
وقال كريشنا سرينيفاسان، مدير إدارة آسيا والمحيط الهادئ في صندوق النقد الدولي، في تصريحات لوكالة رويترز، إن “زيادة التكامل التجاري داخل آسيا يمكن أن توفر درعًا واقيًا ضد الصدمات الخارجية، لاسيما في ظل البيئة الاقتصادية العالمية غير المستقرة”. وأوضح أن نحو 60% من الصادرات الآسيوية تتركز في السلع الوسيطة المتبادلة داخل المنطقة، بينما لا تتجاوز الصادرات النهائية بين الدول الآسيوية نسبة 30%، ما يعكس اعتماد المنطقة الكبير على الطلب الأميركي والأوروبي.
وأضاف سرينيفاسان أن الصندوق يرى أن إزالة الحواجز التجارية، سواء الجمركية أو غير الجمركية، يمكن أن تسهم في خفض التكاليف وزيادة الكفاءة الإنتاجية، وتساعد الدول على تنويع أسواق التصدير وتقليل المخاطر الناتجة عن أي اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية.
ولفت التقرير إلى أن بعض الدول الآسيوية بدأت بالفعل في تقليص الحواجز غير الجمركية، خاصة تلك التي فُرضت خلال جائحة كورونا، معتبرًا هذه الخطوة “تطورًا إيجابيًا للغاية”، في وقت لا تزال فيه العديد من الاقتصادات الآسيوية تعاني من تداخل القواعد التنظيمية وتعدد المعايير بسبب الاعتماد المفرط على الاتفاقات التجارية الثنائية.
وأوصى صندوق النقد بضرورة إبرام اتفاقات تجارية إقليمية أوسع نطاقًا على غرار نموذج الاتحاد الأوروبي، لضمان حرية حركة السلع ورأس المال والخدمات، معتبرًا أن ذلك من شأنه أن يعزز التكامل الاقتصادي ويزيد القدرة التنافسية للمنطقة.
وبيّن التقرير أن تعزيز التكامل التجاري الإقليمي يمكن أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة تصل إلى 1.4% على المدى المتوسط، في حين قد تستفيد اقتصادات رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) من زيادة تصل إلى 4%، مشيرًا إلى أن بعض الدول بدأت بالفعل في تنفيذ إصلاحات تجارية تهدف إلى تحرير الأسواق وجذب الاستثمارات.
وفي ما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد آسيا بنسبة 4.5% في عام 2025، بانخفاض طفيف عن نسبة 4.6% في عام 2024، لكنه لا يزال أعلى بمقدار 0.6 نقطة مئوية من تقديرات أبريل الماضي، مدعومًا بقوة الصادرات التي تغذيها الطلبيات المسبقة قبل دخول الرسوم الأميركية الجديدة حيز التنفيذ.
غير أن الصندوق حذر من أن النمو قد يتباطأ إلى 4.1% في عام 2026، نتيجة استمرار التوترات التجارية العالمية وضعف الطلب في الاقتصاد الصيني، إضافة إلى تراجع الاستهلاك الخاص في الاقتصادات الناشئة. وأشار إلى أن حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية، رغم تراجعها منذ النصف الأول من العام، لا تزال مرتفعة وقد تؤثر سلبًا في الاستثمار وثقة الأسواق.
وأكد الصندوق في ختام تقريره أن الحفاظ على نمو قوي ومستدام في آسيا يتطلب تنويع الشركاء التجاريين، وتعزيز البنية التحتية لسلاسل الإمداد، وتبني سياسات تجارية مرنة تتكيف مع التحولات العالمية المتسارعة.
