اليوان الصيني يسجل أعلى مستوى في أسبوعين بعد تحديد أقوى سعر مرجعي منذ عام

سجل اليوان الصيني ارتفاعًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، ليصل إلى أعلى مستوى له في أسبوعين خلال تعاملات الخميس، بعدما حدد بنك الشعب الصيني (المركزي) أقوى سعر مرجعي يومي للعملة منذ عام كامل، في خطوة عكست ثقة السلطات النقدية بقدرة العملة المحلية على الصمود وسط تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وقبل افتتاح الأسواق، أعلن البنك المركزي الصيني أن السعر المرجعي لليوان بلغ 7.0968 للدولار، وهو الأقوى منذ 15 أكتوبر 2024، وأعلى بـ218 نقطة من تقديرات وكالة رويترز. ويسمح البنك بتداول اليوان الفوري في نطاق ±2% حول هذا السعر المرجعي، ما يمنحه هامش حركة محسوبًا ضمن السياسة النقدية التي تستهدف الاستقرار المالي.
وأوضحت مذكرة تحليلية صادرة عن بنك دي بي إس (DBS) أن اليوان تمكن من الحفاظ على استقراره رغم الخطاب الأمريكي المتصاعد بشأن الرسوم الجمركية، مشيرة إلى أن «السعر المرجعي القوي قرب 7.10 هذا الأسبوع أرسل إشارة واضحة إلى أن بكين لا تعتزم السماح بانخفاض مفرط في عملتها».
من جهته، يرى المتعاملون في الأسواق أن السلطات الصينية تستخدم آلية السعر المرجعي كأداة للتوازن بين دعم تنافسية الصادرات ومواجهة الضغوط الخارجية، خاصة في ظل تجدد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين. وقد ارتفع اليوان بنحو 2.5% منذ بداية العام الجاري، مدعومًا بتدفقات رأسمالية واستقرار اقتصادي نسبي.
وافتتح اليوان الفوري التعاملات عند 7.1238 للدولار، أي أقوى بنحو 73 نقطة من سعر الإغلاق السابق البالغ 7.1205، لكنه ظل أضعف بـ0.33% من السعر المرجعي الجديد الذي حدده البنك المركزي. أما اليوان الخارجي المتداول خارج الصين، فاستقر عند 7.1231 للدولار مرتفعًا بنحو 0.11% خلال الجلسة الآسيوية.
وفي واشنطن، صعّد مسؤولون أمريكيون انتقاداتهم لقرار الصين توسيع القيود على صادرات المعادن النادرة، معتبرين ذلك تهديدًا مباشرًا لسلاسل الإمداد العالمية الحساسة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة. ودعا الجانب الأمريكي بكين إلى إعادة النظر في سياساتها لتجنب إجراءات مضادة تهدف إلى فك الارتباط الاقتصادي بين أكبر اقتصادين في العالم.
وردت وزارة التجارة الصينية ببيان أكدت فيه أن الإجراءات الصينية تأتي ردًا على القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على السلع والشركات الصينية، ووصفت الموقف الأمريكي بأنه «نفاق اقتصادي»، معتبرة أن واشنطن تسعى للحفاظ على هيمنتها التجارية على حساب التوازن العالمي.
وفي مذكرة أخرى، قال محللو ميتسوبيشي يو إف جي فايننشال غروب (MUFG) إن الأسواق والمستثمرين «يتجاهلون حتى الآن مخاطر التصعيد التجاري بين الصين وأمريكا»، مضيفين: «من الواضح أن الفجوة في التوقعات بين الجانبين لا تزال كبيرة، وقد تتسع قبل أن نشهد أي تهدئة حقيقية».
على صعيد آخر، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي – الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من ست عملات رئيسية – بنسبة 0.214% ليصل إلى 98.46، متأثرًا بتنامي التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يتجه إلى خفض أسعار الفائدة لاحقًا هذا العام لمواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
ويرى محللون أن تحديد الصين لأقوى سعر مرجعي منذ عام يمثل رسالة مزدوجة: من جهة، تأكيد على ثقة السلطات في متانة الاقتصاد الصيني، ومن جهة أخرى إشارة إلى رغبتها في احتواء تقلبات العملة وتثبيت الاستقرار النقدي في وجه الضغوط الخارجية، خصوصًا مع استمرار احتدام الصراع التجاري والتكنولوجي بين بكين وواشنطن.