الأسهم الآسيوية تقلص خسائرها بعد تخفيف ترمب لهجته تجاه الصين

شهدت الأسواق الآسيوية اليوم الإثنين حالة من التفاؤل الحذر بعدما خفّف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لهجته تجاه الصين وأبدى انفتاحاً على التوصل إلى اتفاق تجاري جديد، ما ساهم في تهدئة المخاوف التي تصاعدت نهاية الأسبوع الماضي بسبب التوترات الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وصعدت العقود الآجلة لمؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.3%، بينما ارتفعت عقود "ناسداك 100" بنسبة 1.8%، بالتزامن مع انتعاش أسعار النفط بنسبة 1.7% وارتفاع عوائد السندات الأمريكية، فيما استقر الذهب عند مستويات قياسية جديدة وواصلت الفضة مكاسبها قرب أعلى مستوياتها التاريخية، مدعومة بتراجع المخاطر التجارية.
تفاؤل محدود في آسيا
في الجلسة الآسيوية، تراجعت مؤشرات الأسهم الصينية في بداية التعاملات بنسبة تجاوزت 2%، قبل أن تقلص خسائرها لاحقاً مع تحسن المعنويات عقب التصريحات الأمريكية التصالحية. كما ارتدت مؤشرات هونغ كونغ عن أدنى مستوياتها الأسبوعية، في حين ظلت الأسواق اليابانية مغلقة لعطلة رسمية دون تداول فعلي على السندات الأمريكية.
ويرى محللون أن التهدئة الأخيرة من واشنطن جاءت بمثابة استراحة مؤقتة للأسواق بعد موجة بيع واسعة الجمعة الماضية، حين أعلن ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصادرات الصينية، رداً على قيود بكين على المعادن النادرة والسلع الحيوية.
وقالت آنا وو، الاستراتيجية في شركة VanEck Associates Corp، إن “ما يجري لا يشبه التصعيد الذي حدث في أبريل الماضي، بل يبدو أقرب إلى مرحلة تفاوضية متأرجحة تسبق الموعد النهائي للهدنة الأمريكية – الصينية في نوفمبر المقبل”، مضيفة أن الأسواق “بالغت في البيع يوم الجمعة، مما يفسر الارتداد الحالي”.
إشارات على مرونة تفاوضية
كانت الصين قد أعلنت الأسبوع الماضي قيود تصدير شاملة على المنتجات التي تحتوي حتى على آثار من المعادن النادرة، وهو ما رد عليه ترمب بالتهديد بإلغاء لقائه المرتقب مع الرئيس شي جين بينغ، في أول اجتماع مباشر بين الزعيمين منذ ست سنوات.
غير أن تصريحات ترمب الأخيرة، التي أبدى فيها استعداده لإيجاد "مخرج محتمل" لبكين، عكست رغبة أمريكية في استمرار الضغط دون الوصول إلى مواجهة مفتوحة، خصوصاً في ظل اقتراب الانتخابات الأمريكية وتصاعد مخاوف الأسواق من ركود عالمي محتمل.
وكتب ديلين وو، المحلل في Pepperstone Group، أن الأسواق “تناقش حالياً ما إذا كانت الجولة الجديدة من الرسوم الجمركية حقيقية أم مجرد مناورة تفاوضية. فإذا لم تُنفّذ، فقد تمثل التراجعات الأخيرة فرصة للشراء عند الانخفاض، أما إذا مضت واشنطن في تنفيذها، فقد نشهد موجة تقلبات عالمية جديدة”.
تحركات العملات وتداعيات سياسية في اليابان
في أسواق العملات، ارتفع الدولار الأسترالي — وهو عملة شديدة الحساسية للمخاطر — مستفيداً من التهدئة التجارية، فيما تراجع الين الياباني على خلفية انهيار الائتلاف الحاكم في اليابان، ما شكل ضربة قوية للزعيمة الجديدة ساناي تاكايشي.
وقال رودريغو كاتريل، المحلل في National Australia Bank: “غالباً ما يكون الدولار الأسترالي أول المتأثرين بالتحولات في مزاج المخاطرة، ومع الاضطرابات السياسية في اليابان، تضاعفت تحركاته أمام الين بشكل ملحوظ”.
وفي أوروبا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تشكيل حكومي جديد في محاولة لاحتواء الأزمة السياسية الداخلية وتمرير الموازنة، في وقت افتتحت فيه العقود الآجلة للسندات الفرنسية على انخفاض طفيف.
تُظهر التطورات الأخيرة أن الأسواق العالمية تتفاعل بقوة مع أي إشارات تهدئة بين واشنطن وبكين، لكنها تبقى حذرة من انعكاسات أي تصعيد جديد قد يعيد المخاوف من تباطؤ النمو العالمي وارتفاع التضخم. وفي ظل غياب وضوح في السياسات الأمريكية تجاه الصين، يظل المستثمرون في حالة ترقب لما قد تسفر عنه الهدنة التجارية المرتقبة في نوفمبر المقبل.