النفط يتكبد خسائر أسبوعية مع تصاعد التوترات التجارية ومخاوف الطلب العالمي

تكبدت أسعار النفط العالمية خسائر حادة للأسبوع الثاني على التوالي، متراجعة إلى أدنى مستوياتها منذ مايو الماضي، وسط تصاعد المخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي وتفاقم التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية.
وأغلق خام برنت القياسي تعاملات الأسبوع عند مستوى 76.4 دولارًا للبرميل، منخفضًا بنحو 5.8% مقارنة بالأسبوع السابق، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى نحو 72.9 دولارًا للبرميل، مسجلًا خسارة أسبوعية تقارب 6.3%، وهي أكبر وتيرة هبوط منذ يوليو الماضي.
ويرى محللون أن فرض الإدارة الأمريكية تعريفات جديدة بهذا الحجم أعاد إشعال المخاوف من اندلاع حرب تجارية شاملة بين أكبر اقتصادين في العالم، ما يهدد تباطؤ النشاط الصناعي العالمي ويقوض الطلب على الطاقة، لاسيما في ظل إشارات ضعف في مؤشرات التصنيع والنمو الصيني خلال الأشهر الأخيرة.
وقال محللون في بنك «جيه بي مورغان» إن الأسواق تتعامل الآن مع "مزيج قاتم" من التوترات الجيوسياسية والتباطؤ الاقتصادي، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا واستمرار ضبابية السياسات التجارية الأمريكية يزيدان من الضغوط على توقعات الطلب النفطي خلال الربع الأخير من 2025.
من جانب آخر، أشار تقرير لوكالة الطاقة الدولية إلى أن النمو في الطلب العالمي على النفط قد يتباطأ إلى أقل من مليون برميل يوميًا في عام 2025، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 1.3 مليون برميل، بسبب تباطؤ الاقتصادات الكبرى وارتفاع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، ما قد يخلق فائضًا في المعروض خلال النصف الأول من العام المقبل.
وفي المقابل، واصلت منظمة أوبك+ التزامها بسياسة خفض الإنتاج، حيث أشارت بيانات المنظمة إلى أن الامتثال لاتفاق خفض الإمدادات ما زال مرتفعًا عند 95%، رغم الضغوط المتزايدة من بعض الدول المستهلكة لزيادة الإنتاج بهدف كبح الأسعار المرتفعة للوقود محليًا.
ورغم هذه الخسائر، يرى محللون أن السوق ما زالت متوازنة نسبيًا على المدى المتوسط، مع احتمال تعافي الأسعار في حال تحسن مؤشرات الطلب أو تراجع حدة التوترات التجارية، خصوصًا إذا ما تم التوصل إلى تفاهمات اقتصادية بين واشنطن وبكين خلال الأسابيع المقبلة.
وأشار تقرير لمجموعة «غولدمان ساكس» إلى أن استمرار التوترات التجارية قد يدفع الأسعار إلى نطاق يتراوح بين 70 و75 دولارًا للبرميل، في حين أن أي انفراجة في العلاقات التجارية أو تحسن في البيانات الاقتصادية العالمية قد تعيد الأسعار فوق مستوى 80 دولارًا للبرميل قبل نهاية العام.
من جانبه، أكد محللون في شركة «رايستاد إنرجي» النرويجية أن السوق النفطية تدخل مرحلة حساسة تتأرجح فيها بين ضغوط الطلب العالمي وقيود الإمدادات المفروضة من أوبك+، مؤكدين أن الاتجاه المستقبلي للأسعار سيتوقف على تطورات التجارة العالمية والسياسات النقدية في الاقتصادات الكبرى.
ويشير المحللون إلى أن مخاوف الركود العالمي تبقى هي المحرك الأساسي لتقلبات أسعار النفط في المرحلة الراهنة، خاصة مع تباطؤ الاقتصاد الصيني وتراجع الطلب الأوروبي وتقلص واردات الولايات المتحدة من النفط الخام خلال الأشهر الماضية، ما يعكس تحولًا أوسع في ديناميكيات سوق الطاقة العالمية.