تراجع أسعار النحاس بعد فرض ترامب تعريفات بنسبة 100% على الصين

شهدت الأسواق العالمية للمعادن الصناعية تراجعًا حادًا في أسعار النحاس خلال تعاملات اليوم السبت، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية جديدة بنسبة 100% على الواردات الصينية، في خطوة وصفت بأنها تصعيد جديد في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وأثارت مخاوف من تباطؤ النشاط الصناعي العالمي وتأثر سلاسل الإمداد.
وجاء القرار الأمريكي كجزء من سياسة الإدارة الجديدة لإعادة ضبط الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والصين، حيث أكد ترامب أن هذه الرسوم تهدف إلى "حماية الصناعة الأمريكية من الممارسات غير العادلة"، مشيرًا إلى أن الصين استفادت لعقود من انفتاح الأسواق الأمريكية على منتجاتها دون مقابل عادل، على حد وصفه.
وقد انعكست هذه القرارات سريعًا على أسواق المعادن، إذ انخفض سعر النحاس بنسبة تجاوزت 4% في التعاملات الفورية ببورصة لندن للمعادن، ليسجل نحو 8,050 دولارًا للطن الواحد، وهو أدنى مستوى له منذ شهرين. كما تراجعت أسعار عقود النحاس الآجلة في نيويورك لتسجل انخفاضًا مشابهًا، وسط تراجع ثقة المستثمرين في الطلب الصناعي العالمي.
ويرى محللون أن تأثير هذه الرسوم لن يقتصر على سوق النحاس وحده، بل سيمتد إلى معظم المعادن الأساسية المستخدمة في الصناعات التحويلية مثل الألومنيوم والزنك والنيكل، نظرًا لكون الصين أكبر مستهلك لهذه المعادن عالميًا، إذ تمثل أكثر من 50% من الطلب العالمي على النحاس وحده.
وقال "مارك بيترسون"، كبير محللي السلع في بنك "جيه بي مورغان"، إن فرض تعريفات بنسبة 100% على السلع الصينية "يمثل صدمة قوية لأسواق السلع الأساسية"، موضحًا أن انخفاض الطلب الصناعي من الصين سيؤدي إلى تراجع الأسعار العالمية على المدى القصير، بينما ستشهد الأسواق اضطرابات في الإمدادات وسلاسل التوريد على المدى المتوسط.
وفي المقابل، ردت وزارة التجارة الصينية في بيان رسمي بأنها "تحتفظ بحق اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية مصالحها"، مشيرة إلى أن القرار الأمريكي يمثل "انتهاكًا لقواعد منظمة التجارة العالمية" ويقوض استقرار النظام التجاري العالمي.
ويخشى المستثمرون من أن تؤدي هذه الخطوة إلى اندلاع جولة جديدة من الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، مما قد يضغط على الأسواق المالية العالمية ويؤثر في معدلات النمو الاقتصادي الدولي. كما حذرت مؤسسات اقتصادية من أن استمرار تصعيد النزاع قد يدفع الشركات الصناعية إلى تقليص استثماراتها ونشاطها الإنتاجي، خاصة في القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية والإلكترونيات والطاقة المتجددة، وهي القطاعات الأكثر استخدامًا للنحاس.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن استمرار هذه التوترات قد يخفض الطلب العالمي على النحاس بنسبة تتراوح بين 2% و3% خلال الربع الأخير من عام 2025، وهو ما قد يدفع الأسعار نحو مستويات أقل من 7,800 دولار للطن إذا استمرت الحرب التجارية أو توسعت الإجراءات الحمائية بين الطرفين.
وتبقى الأنظار متجهة إلى رد الفعل الصيني المحتمل، حيث ستحدد طبيعة الإجراءات المضادة القادمة مسار الأسواق خلال الأسابيع المقبلة، في وقت يسعى فيه المستثمرون إلى إعادة تقييم مراكزهم المالية في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على المشهد الاقتصادي العالمي.