البنك الدولي: تضخم أسعار الغذاء «الضريبة الأثقل على الفقراء» في نيجيريا

أكد البنك الدولي في أحدث تقرير نصف سنوي له حول الوضع الاقتصادي في نيجيريا، أن ارتفاع أسعار الغذاء يظل التحدي الأكبر أمام الأسر النيجيرية، رغم التقدم الذي حققته البلاد في تحقيق بعض مؤشرات الاستقرار الاقتصادي خلال العام الجاري، مشيرًا إلى أن التضخم الغذائي أصبح بمثابة «الضريبة الأثقل على الفقراء» في أكبر اقتصاد إفريقي من حيث عدد السكان.
وأوضح التقرير، الصادر اليوم السبت من العاصمة النيجيرية أبوجا، أن التضخم الغذائي في نيجيريا بلغ مستويات تاريخية، حيث ارتفع معدل التضخم السنوي العام إلى نحو 32%، بينما تجاوز التضخم الغذائي نسبة 40% خلال سبتمبر 2025، وهو ما انعكس مباشرة على مستويات المعيشة ونسب الفقر، إذ باتت الأسر ذات الدخل المنخفض تخصص أكثر من 70% من إنفاقها الشهري للغذاء فقط.
وأشار البنك الدولي إلى أن استمرار ارتفاع الأسعار يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف الإنتاج الزراعي المحلي نتيجة اضطرابات الأمن في مناطق الشمال، وارتفاع تكاليف النقل والطاقة، بالإضافة إلى تقلبات سعر الصرف بعد تحرير العملة النيجيرية "النّيرة"، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الواردات الزراعية والأسمدة والبذور.
كما لفت التقرير إلى أن الحكومة النيجيرية حققت بعض التقدم في استقرار الاقتصاد الكلي من خلال خفض عجز الموازنة وتعزيز الإيرادات غير النفطية، إلا أن التضخم الغذائي ما زال يقوض الجهود المبذولة لتحسين مستويات المعيشة، مؤكدًا أن "الاستقرار الاقتصادي لا يكتمل ما لم يشعر المواطن بانخفاض الأسعار في الأسواق المحلية".
ودعا البنك الدولي السلطات النيجيرية إلى توسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية وزيادة الدعم الموجه للأسر الفقيرة والمتضررة من ارتفاع الأسعار، مع التركيز على دعم سلاسل التوريد الزراعية وتحسين الوصول إلى التمويل للمزارعين الصغار، بالإضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية الريفية التي تمكن من خفض تكلفة النقل بين مناطق الإنتاج والاستهلاك.
وفي سياق متصل، حذر التقرير من أن استمرار التضخم المرتفع قد يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر لتشمل أكثر من 45% من السكان بنهاية العام، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لاحتواء ارتفاع الأسعار ودعم الإنتاج المحلي للغذاء، مشيرًا إلى أن أسعار السلع الأساسية مثل الأرز والذرة وزيت الطهي ارتفعت بنسبة تجاوزت 100% خلال العام الماضي فقط.
وأوضح التقرير أن أزمة الغذاء في نيجيريا ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل تمتد إلى أبعاد اجتماعية وأمنية، إذ يواجه العديد من الأسر صعوبات في توفير وجبات كافية، ما يزيد من مخاطر سوء التغذية بين الأطفال ويهدد الاستقرار في المناطق الريفية الفقيرة.
وأكد البنك الدولي أنه يعمل بالتعاون مع الحكومة النيجيرية وشركاء التنمية على دعم برامج الأمن الغذائي وتمويل مشروعات لتحسين الإنتاج الزراعي المحلي، مشددًا على أن مواجهة التضخم الغذائي تتطلب تنسيقًا بين السياسات المالية والنقدية، إلى جانب إصلاحات هيكلية طويلة المدى في قطاعي الزراعة والنقل.
ويختتم التقرير بالتأكيد على أن «السيطرة على تضخم أسعار الغذاء تعد المفتاح الحقيقي لاستدامة التعافي الاقتصادي في نيجيريا»، داعيًا إلى بناء اقتصاد أكثر شمولًا يحقق الأمن الغذائي ويحد من الفقر في أكبر دول إفريقيا سكانًا.