200 مليار دولار.. كيف دفعت منطقة الشرق الأوسط ثمن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

كشفت أرقام دولية حديثة عن الوجه القاسي الذي تتركه الحروب على اقتصادات المنطقة، بعد أن أظهرت حرب غزة الأخيرة حجم الخسائر الفادحة التي تكبدتها دول الشرق الأوسط، مقابل ما يمكن أن تجلبه فرص السلام من ازدهار ونمو مستدام لمختلف الدول في المنطقة.
فبينما تتواصل تداعيات العدوان على غزة، تؤكد الإحصاءات الرسمية أن تكلفة الحرب تجاوزت 200 مليار دولار كخسائر مباشرة وغير مباشرة، امتدت آثارها إلى قطاعات الطاقة والتجارة والسياحة والنقل، وأثرت سلبا على معدلات النمو في عدة اقتصادات عربية كانت تشهد تعافيا تدريجيا.
2 تريليون دولار.. حصيلة 80 عامًا من الصراع
وأظهر المنتدى الاستراتيجي العربي في تقرير تحليلي شامل أن إجمالي تكلفة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ عام 1946 بلغت نحو تريليوني دولار، نصفها تقريبا خسائر مباشرة ناتجة عن الحروب المتكررة، والإنفاق العسكري الضخم، وعمليات إعادة الإعمار، والمساعدات الإنسانية المتواصلة، بينما مثّلت التريليون الأخرى فرصا اقتصادية ضائعة نتيجة توقف الاستثمارات في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية.

هذه الأرقام تضع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ضمن أكثر النزاعات تكلفة في التاريخ الحديث، ليس فقط من حيث الأرواح التي أزهقت، بل أيضا من حيث الأعباء التي كبلت اقتصادات المنطقة ومنعتها من تحقيق انطلاقة تنموية شاملة.
كيف يساهم السلام في نهضة المنطقة اقتصاديا؟
وفي المقابل، تظهر التقديرات أن السلام العادل والشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمكن أن يتحول إلى محرك قوي للنمو في الشرق الأوسط، إذ كشفت ورقة بحثية صادرة عن المنتدى الاستراتيجي العربي عام 2024 أن تحقيق السلام من شأنه أن يرفع حجم النشاط الاقتصادي في المنطقة بما يقارب تريليونًا و7 مليارات دولار خلال عقد واحد فقط.
هذا المكسب المتوقع لا يرتبط فقط بإعادة توجيه الموارد من التسليح إلى التنمية، بل أيضًا بتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي، وفتح الأبواب أمام الاستثمارات العابرة للحدود، وتعزيز شبكات النقل والطاقة والتكنولوجيا بين دول الإقليم.

مكاسب بمئات المليارات جراء وقف الحرب على غزة
وفي السياق نفسه، أظهرت دراسة لمؤسسة راند الأميركية أن التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيؤدي إلى تحقيق مكاسب مالية قدرها 219 مليار دولار في غضون 10 سنوات، نتيجة انتعاش قطاعات السياحة والصناعة والخدمات المالية، وزيادة التبادل التجاري، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بوتيرة أكبر بكثير مما هي عليه اليوم.

تلك الدراسات تؤكد أن كلفة الحرب على غزة لا تقاس فقط بالدمار والخسائر، بل أيضًا بما يهدر من فرص تنمية وتعاون، وأن الشرق الأوسط يقف أمام مفترق طرق حقيقي، فإما استمرار نزيف الموارد في صراعات لا تنتهي، أو توجيهها نحو بناء مستقبل أكثر استقرارا ورخاء قائم على السلام والتنمية المشتركة بين جميع بلدان المنطقة.