بوروندي تسعى لإنعاش اقتصادها عبر جذب الاستثمارات الأجنبية
تشهد بوروندي في الفترة الأخيرة تحركات حكومية مكثفة تهدف إلى إنعاش اقتصادها المتعثر بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية التي أثرت سلبًا على النمو والتنمية. وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية في تقرير حديث أن الحكومة البوروندية بدأت تنفيذ خطة اقتصادية شاملة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمقرضين متعددي الأطراف، في محاولة لإعادة الثقة في مناخ الأعمال المحلي وتحفيز النمو المستدام.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الجهود تأتي ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، من خلال تحسين بيئة الاستثمار وتسهيل الإجراءات البيروقراطية أمام المستثمرين. كما تسعى الحكومة إلى تقديم حوافز مالية وضريبية جديدة للشركات الأجنبية، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية والتعدين.
ووفقًا لتقديرات رسمية، فقد سجل الاقتصاد البوروندي تراجعًا حادًا خلال العقد الأخير، نتيجة النزاعات السياسية وتراجع المساعدات الدولية، فضلًا عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد منذ عام 2015. إلا أن الحكومة الحالية برئاسة إيفاريست ندايشيمييه تعمل على تحسين علاقاتها الخارجية، خاصة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لإعادة تدفق التمويل الدولي والمساعدات التنموية.
وتتضمن الخطة الاقتصادية الجديدة حزمة من الإصلاحات القانونية والمؤسسية، أبرزها تحديث قوانين الاستثمار، وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، وتوفير ضمانات للمستثمرين ضد مخاطر المصادرة أو التقلبات السياسية. كما تعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية للنقل والكهرباء لتمكين القطاع الخاص من لعب دور محوري في الاقتصاد الوطني.
وأكد مسؤولون في وزارة المالية البوروندية أن البلاد تخطط لإطلاق صندوق سيادي لجذب الاستثمارات في مشاريع التنمية المستدامة، مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص عمل جديدة للشباب. وأضافوا أن بوروندي تسعى كذلك إلى تعزيز التكامل الاقتصادي مع دول جماعة شرق إفريقيا لزيادة التبادل التجاري الإقليمي وجذب الاستثمارات المشتركة.
من جانبها، أشادت مؤسسات مالية دولية بالخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، معتبرة أن استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتحسين مناخ الأعمال يمكن أن يضع بوروندي على طريق النمو مجددًا، بعد عقود من الركود والعزلة الاقتصادية.
ويرى محللون أن نجاح هذه الجهود يتوقف على قدرة الحكومة في تحقيق الاستقرار السياسي، وضمان الشفافية في إدارة الموارد العامة، ومكافحة الفساد الذي شكل أحد أبرز معوقات التنمية في البلاد.
ومع تصاعد الاهتمام الدولي بإفريقيا كوجهة استثمارية واعدة، تسعى بوروندي لاستغلال هذا الزخم لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتحويل اقتصادها من اقتصاد يعتمد على الزراعة التقليدية إلى اقتصاد متنوع ومستدام.
