مصر تمضي نحو توطين صناعة الحرير الطبيعي.. مشروع قومي لتقليل الاستيراد وتعزيز الدخل الريفي

في إطار توجيهات القيادة السياسية نحو تحقيق التنمية الصناعية والزراعية المستدامة، وتنويع مصادر الدخل القومي، تشهد مصر تنفيذ مشروع قومي طموح يستهدف توطين صناعة وإنتاج الحرير الطبيعي، بما يسهم في تحقيق طفرة اقتصادية وتنموية جديدة تدعم توجه الدولة نحو التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.

يأتي هذا المشروع ضمن خطة الدولة لتبني الصناعات التراثية عالية القيمة، والعمل على تطويرها بأساليب علمية وتقنيات حديثة، بما يضمن استدامتها وتوسيع قاعدة المستفيدين منها، خاصة في المناطق الريفية والصعيد. ويُعد المشروع خطوة مهمة نحو تعميم تجربة إنتاج الحرير الطبيعي بعد نجاحها الأولي، لتشمل مختلف محافظات الجمهورية خلال السنوات القادمة.

"الريف المصري الجديد" و"أكساد".. تعاون استراتيجي لدعم الأمن الغذائي المصري والعربي

الغمراوي: التحول الرقمي أولوية استراتيجية لرفع كفاءة الخدمات الدوائية في مصر

وأكدت مصادر مطلعة أن المشروع يستهدف إحياء زراعة أشجار التوت وتربية ديدان الحرير في مناطق مختارة، مع توفير الدعم الفني واللوجيستي للمزارعين، وتقديم البرامج التدريبية المتخصصة التي تضمن تحقيق أعلى إنتاجية وجودة ممكنة. كما يشمل المشروع إنشاء وحدات إنتاج وتجفيف وغزل متكاملة، تتيح تصنيع المنتج النهائي داخل مصر دون الحاجة إلى تصدير المادة الخام.

ويُتوقع أن ينتج المشروع نحو 25 طنًا من الحرير الطبيعي خلال أربع سنوات، وهو ما سيساهم في توفير المادة الخام لعدد من الصناعات القائمة على الحرير الطبيعي مثل صناعة الملابس الفاخرة، والسجاد اليدوي، وبعض الصناعات الطبية التي تعتمد على ألياف الحرير النقية.

ويُعد المشروع أحد المبادرات القومية المهمة للحد من الاستيراد، حيث من المنتظر أن يسهم في توفير العملة الصعبة وتحقيق قيمة مضافة عالية من خلال تحويل المواد الأولية المحلية إلى منتجات نهائية ذات جودة عالمية. كما يُتوقع أن يحقق المشروع عائدًا اقتصاديًا مباشرًا وغير مباشر عبر خلق فرص عمل جديدة للشباب والنساء في الريف والمناطق الزراعية، إلى جانب زيادة دخل المزارعين والعاملين في مجال إنتاج ديدان الحرير ومشتقاته.

وصرحت الجهات المعنية بأن الدولة تعمل على تقديم كافة التيسيرات والدعم الفني واللوجيستي للإسراع في تنفيذ المشروع على أرض الواقع، مع توفير الأراضي المناسبة للزراعة، وتسهيل إجراءات التمويل، وضمان توفير مستلزمات الإنتاج والتدريب للمستفيدين. كما يتم التنسيق مع الهيئات البحثية والجامعات المصرية لتطوير سلالات محلية عالية الإنتاجية من ديدان الحرير، وإدخال تقنيات حديثة في مراحل الغزل والنسيج والتعبئة.

ويأتي المشروع في سياق أوسع ضمن استراتيجية الدولة الهادفة إلى تعزيز الصناعات الخضراء والمستدامة، وتحقيق التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي، بما يعزز تنافسية المنتج المصري في الأسواق الإقليمية والدولية. كما يمثل المشروع فرصة اقتصادية واعدة لدمج صغار المزارعين في سلاسل القيمة الإنتاجية، ورفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية المتاحة.

ويُتوقع أن يُحدث مشروع توطين صناعة الحرير الطبيعي نقلة نوعية في مجال الصناعات البيئية والريفية، ويسهم في تنشيط الحرف التراثية المصرية التي تمتلك شهرة عالمية، مع فتح آفاق جديدة أمام التصدير في قطاعات النسيج والأزياء الراقية.