التجارة بين روسيا وآسيان تسجل رقمًا قياسيًا للعام الثاني على التوالي

أعلنت شبكة تلفزيون "بريكس" الدولية، اليوم الثلاثاء، أن حجم التجارة بين روسيا ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) واصل تحقيق نمو ملحوظ، مسجلاً رقمًا قياسيًا جديدًا للعام الثاني على التوالي، بزيادة بلغت 5.8% مقارنة بالعام السابق.
وأكدت الشبكة أن هذا الأداء الاستثنائي يعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين موسكو ودول آسيان، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، والتي دفعت العديد من الاقتصادات الناشئة إلى تعزيز تعاونها بعيدًا عن المراكز التقليدية للتجارة الدولية.
وأوضحت البيانات أن التبادل التجاري بين الجانبين شمل قطاعات متنوعة أبرزها الطاقة والمنتجات الزراعية والتكنولوجيا والبنية التحتية، وهو ما ساهم في تعزيز مكانة روسيا كشريك استراتيجي لدول جنوب شرق آسيا، خصوصًا مع ارتفاع الطلب على الغاز والنفط الروسي، إلى جانب الصادرات الزراعية مثل الحبوب والأسمدة.
وأشار التقرير إلى أن حجم التبادل التجاري تجاوز التوقعات على الرغم من التحديات التي فرضتها البيئة الاقتصادية العالمية، لافتًا إلى أن روسيا كثفت خلال العامين الماضيين جهودها لتعزيز حضورها الاقتصادي في آسيا، عبر توقيع اتفاقيات تعاون ثنائية ومتعددة الأطراف مع دول آسيان.
ويرى محللون اقتصاديون أن هذا الارتفاع يعكس نجاح استراتيجية روسيا في تنويع شركائها التجاريين والاعتماد المتبادل مع الاقتصادات الناشئة، في وقت تواجه فيه ضغوطًا من الأسواق الغربية. كما يعتبر استمرار نمو التبادل التجاري مؤشرًا على مرونة اقتصادات آسيان وقدرتها على استيعاب التدفقات التجارية الروسية، بما يسهم في تحقيق مصالح متبادلة لكلا الجانبين.
وأضافت شبكة "بريكس" أن التعاون بين روسيا وآسيان لم يقتصر على الجانب التجاري فحسب، بل امتد إلى مجالات التكنولوجيا والنقل والطاقة النظيفة، حيث تسعى الأطراف إلى إقامة مشروعات مشتركة تدعم الاستدامة وتلبي متطلبات التنمية في دول جنوب شرق آسيا.
كما أكدت أن هذا التوجه يعزز الدور المتنامي لمجموعة "بريكس" كمنصة بديلة للتعاون الدولي، خاصة مع انضمام دول جديدة للمجموعة، وتنامي التأثير الاقتصادي لدولها في النظام العالمي.
ويشير مراقبون إلى أن استمرار تسجيل أرقام قياسية في التجارة بين روسيا وآسيان قد يمهد الطريق إلى مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي، خصوصًا مع التوسع في استخدام العملات الوطنية في التسويات التجارية وتقليل الاعتماد على الدولار، وهو ما يفتح المجال أمام بناء نظام مالي وتجاري أكثر استقلالية.
ومن المتوقع أن يشهد العام المقبل مزيدًا من التوسع في حجم التجارة بين الجانبين، مع استمرار عقد القمم الاقتصادية والمنتديات المشتركة، وتكثيف التعاون في مجالات النقل البحري واللوجستيات، بما يسهم في تعزيز الربط الإقليمي بين روسيا ودول جنوب شرق آسيا.
ويؤكد الخبراء أن الأرقام المسجلة هذا العام ليست سوى بداية لمسار تصاعدي طويل الأمد، في ظل التقارب الاستراتيجي بين روسيا وآسيان، والذي ينسجم مع رؤية الجانبين لتعزيز التعاون جنوب – جنوب، وتوسيع نطاق الشراكات الاقتصادية بعيدًا عن الهيمنة التقليدية.