استطلاع بانكير يكشف: هل يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة أم يقرر التثبيت في اجتماع 2 أكتوبر؟

في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التي يواجهها الاقتصاد المصري، يأتي اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر يوم الخميس 2 أكتوبر 2025، كحدث حاسم يترقبه الجميع في الأوساط المالية والاقتصادية.
وهذا الاجتماع، الذي يعد السادس في سلسلة الاجتماعات الثمانية المخطط لها خلال عام 2025، يأتي بعد سلسلة من القرارات السابقة التي شهدت تخفيضات تدريجية لأسعار الفائدة، حيث أعلن البنك المركزي في اجتماعه الأخير بتاريخ 28 أغسطس 2025 عن خفض سعر عائد الإيداع الليلي إلى 22% وسعر الإقراض إلى 23%، مما يعكس توجهًا تيسيريًا مدروسًا لدعم النمو الاقتصادي دون التفريط في الاستقرار النقدي.
ولاستكشاف التوقعات حول قرار الفائدة بشكل أعمق، أجرت منصة بانكير، استطلاع رأي شمل سبعة خبراء اقتصاديين بارزين، للحديث عن توقعات القرار المرتقب من قبل البنك المركزي المصري.
استراتيجية حذرة للتوازن بين النمو والتضخم
وفي تصريحاته لمنصة بانكير، أعرب الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، عن توقعه بأن تتخذ لجنة السياسة النقدية قرارًا حاسمًا خلال اجتماعها المقبل، يتراوح بين تثبيت أسعار الفائدة أو خفضها بمقدار 100 نقطة أساس فقط، مع ميل واضح نحو خيار الخفض كاستراتيجية مدروسة لدعم الاقتصاد الوطني.
وأكد الإدريسي أن هذا القرار يأتي في ظل توقعات قوية بتزايد الضغوط التضخمية الناتجة عن الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود خلال الشهر القادم، مما سيؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم وتكاليف المعيشة، الأمر الذي يتطلب سياسة نقدية حذرة تحافظ على الاستقرار الاقتصادي.
وأوضح الإدريسي أن البنك المركزي يواجه تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين تحفيز النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم، مشيرًا إلى أن خفض الفائدة بأكثر من 100 نقطة أساس قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية، مما يجعل هذا الحد الأقصى للخفض هو الخيار الأمثل في الوقت الراهن.

وأضاف أن هذه الخطوة تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الثقة في الأسواق المحلية وتشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
وفي سياق متصل، أشار الإدريسي إلى أن البنك المركزي يخطط لمواصلة سياسته التيسيرية خلال الاجتماع الأخير لعام 2025، حيث من المتوقع أن يتبنى خفضًا إضافيًا لأسعار الفائدة بهدف تسريع وتيرة النمو الاقتصادي.
وأكد أن هذا التوجه يهدف إلى تحريك عجلة الإنتاج، وضخ المزيد من الأموال في المشروعات التنموية الكبرى، مما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ويسهم في خلق فرص عمل جديدة.
وشدد على أن هذه السياسة تعكس التزام البنك المركزي بدعم الاستدامة الاقتصادية وتحقيق التوازن بين النمو والاستقرار في ظل التحديات الراهنة.
ويبرز رأي الإدريسي أهمية الحذر في ظل الضغوط التضخمية المحتملة، حيث يرى أن الخفض المحدود بـ100 نقطة أساس يمثل خطوة متوازنة تعزز الثقة دون مخاطر، مما يتوافق مع التوقعات العامة باستقرار التضخم في أكتوبر قبل ارتفاع محتمل في نوفمبر.
مرونة في الخفض لتحفيز الاستثمار المنتج
وأكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، في تصريحاته لبانكير، أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي تتجه نحو اتخاذ قرار حيوي في اجتماعها القادم، يتراوح بين الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير أو خفضها بمقدار يتراوح بين 100 إلى 200 نقطة أساس، مع ترجيح قوي للخفض كخطوة استراتيجية لتحفيز الاقتصاد الوطني في ظل التحديات الراهنة.
وأوضح بدرة أن هذا القرار يأتي في سياق توقعات بارتفاع أسعار الوقود خلال الشهر المقبل، مما سيؤدي إلى تصاعد معدلات التضخم وتزايد الأعباء المعيشية على المواطنين، وهو ما يتطلب سياسة نقدية مرنة تحافظ على استقرار السوق مع دعم النمو.
وأضاف بدرة أن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين كبح جماح التضخم وتشجيع الاستثمارات المنتجة، مشيرًا إلى أن خفض الفائدة ضمن نطاق 100 إلى 200 نقطة أساس يعد خيارًا مثاليًا لتحقيق هذا الهدف دون المخاطرة بزيادة الضغوط التضخمية بشكل مفرط.
وأكد أن هذه الخطوة ستعزز الثقة في الأسواق وتدعم القطاعات الإنتاجية الحيوية.وتوقع بدرة أن يواصل البنك المركزي نهجه التيسيري في الاجتماع الختامي لعام 2025، من خلال خفض إضافي لأسعار الفائدة، بهدف تنشيط الدورة الاقتصادية وتسريع وتيرة الإنتاج.

وأشار إلى أن هذه السياسة تهدف إلى ضخ استثمارات جديدة في المشروعات التنموية الكبرى، مما يعزز النمو الاقتصادي المستدام، ويسهم في خلق فرص عمل جديدة، ويدعم الاستقرار الاقتصادي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وأكد أن هذا التوجه يعكس رؤية استباقية لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف التنمية الشاملة.
وتوقع بدرة أن يعتمد البنك المركزي سياسة تيسيرية مستمرة خلال الاجتماع الختامي لعام 2025، من خلال خفض إضافي لأسعار الفائدة، بهدف تسريع وتيرة النشاط الاقتصادي ودعم المشروعات التنموية الكبرى.
وأكد أن هذا التوجه سيسهم في تعزيز النمو المستدام، وخلق فرص عمل جديدة، وتخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطنين، مع الحفاظ على استقرار السوق، مشددًا على أن هذه السياسة تعكس رؤية استشرافية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف التنمية الشاملة في ظل التحديات العالمية والمحلية.
ويعد رأي بدرة الأكثر تفاؤلًا بين الخبراء، حيث يركز على المرونة في نطاق الخفض (100-200 نقطة أساس) كوسيلة لتعزيز الاستثمار، مما يعكس ثقته في قدرة البنك المركزي على إدارة التضخم المحتمل من زيادة أسعار الوقود.
التثبيت كخيار استراتيجي لضمان الاستقرار الاقتصادي
وأكد الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، في تصريحاته بانكير، أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ستتجه في اجتماعها القادم إلى تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، في خطوة حاسمة تهدف إلى ضمان الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات المتزايدة.
وأوضح رؤوف أن هذا القرار يأتي في سياق التوقعات بارتفاع أسعار الوقود خلال الشهر المقبل، مما سيؤدي إلى تصاعد معدلات التضخم وزيادة الأعباء المعيشية على المواطنين، مما يستدعي نهجًا نقديًا حذرًا يركز على الحفاظ على التوازن بين استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي.
وأضاف رؤوف أن تثبيت الفائدة يعد الخيار الأنسب لتفادي تفاقم الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع تكاليف الطاقة، مع الحفاظ على استقرار القطاع المالي وتعزيز ثقة المستثمرين، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ستمنح البنك المركزي مرونة أكبر لمراقبة التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، مما يتيح اتخاذ قرارات مستقبلية مدروسة بناءً على البيانات الاقتصادية الجديدة.

كما أكد أن التثبيت سيسهم في حماية العملة المحلية من التقلبات ودعم القطاعات الإنتاجية من خلال توفير بيئة مالية مستقرة.وتوقع رؤوف أن يواصل البنك المركزي سياسة التثبيت في الاجتماع الختامي لعام 2025، بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتهيئة الأرضية لتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.
وأكد أن هذا النهج يعكس رؤية استراتيجية تركز على حماية الاقتصاد الوطني من الصدمات الخارجية، وتعزيز الثقة في الأسواق، ودعم المشروعات التنموية من خلال الحفاظ على بيئة استثمارية مواتية.
وشدد على أن هذه السياسة ستساعد في امتصاص الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود، مع ضمان استمرارية النشاط الاقتصادي دون تعريض القطاعات الحيوية لمخاطر التذبذب المالي، مما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ويدعم تحقيق أهداف التنمية الشاملة في مواجهة التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.
تأثيرات مالية إيجابية طويلة الأمد
وتوقع الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن تتجه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي إلى خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال اجتماعها المقبل، مرجحًا أن يشهد شهر أكتوبر بداية موجة جديدة من السياسات الاقتصادية تتضمن تحريك أسعار المحروقات بشكل تدريجي.
وقال الفقي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن الحكومة تعتزم رفع أسعار البنزين ليباع بسعر التكلفة مع الإبقاء على الدعم الموجه للسولار، في خطوة وصفها بأنها "تندرج تحت مظلة الرشادة الاقتصادية" وتستهدف ضبط منظومة الدعم وتعزيز استقرار الاقتصاد الوطني.
وأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة أن قرار رفع أسعار البنزين والسولار لن ينعكس على معدلات التضخم خلال شهر أكتوبر، التي من المتوقع أن تظل مستقرة أو تنخفض نسبيًا، غير أن شهر نوفمبر قد يشهد صعودًا في معدلات التضخم نتيجة ارتفاع أسعار الوقود.

وأشار إلى أن هذا الوضع يمنح البنك المركزي مساحة لخفض الفائدة في اجتماع أكتوبر بنسبة 1%، مع إمكانية خفض إضافي بنسبة 2% خلال الاجتماعين المتبقيين قبل نهاية العام، ليصل إجمالي الخفض المتوقع إلى 300 نقطة أساس.
وأوضح الفقي أن كل خفض بنسبة 1% في أسعار الفائدة يوفر على الموازنة العامة نحو 45 مليار جنيه من أعباء خدمة الدين خلال 12 شهرًا، ما يعني أن خفض 300 نقطة أساس قبل نهاية 2025 سيوفر ما يقرب من 135 مليار جنيه، معتبرا أن هذا الوفر المالي يمثل متنفسًا مهمًا للموازنة، ويفتح المجال أمام تعزيز الإنفاق على أولويات التنمية.
واشار الفقي إلى أن خفض تكلفة الاقتراض الناتج عن تراجع أسعار الفائدة من شأنه أن ينعكس إيجابيًا على مناخ الاستثمار في مصر، حيث يشجع رجال الأعمال المحليين والأجانب على التوسع في مشروعاتهم وضخ استثمارات جديدة.
وأختتم تصريحاته بأن هذه السياسة ستسهم في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يدعم قدرة الاقتصاد المصري على النمو ويزيد من مرونته في مواجهة التحديات.
خفض تدريجي لتعزيز الاستقرار النقدي
ويرى الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن الظروف الاقتصادية الحالية تتيح بالفعل المجال لخفض إضافي للفائدة، لكنه شدد على أن المستويات الراهنة ما زالت مرتفعة رغم التخفيضات الأخيرة.
وأكد “البهواشي”، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن السيناريو الأقرب يتمثل في خفض تدريجي يتراوح بين 1 و2%، وهو ما يراه الأنسب لتحقيق التوازن بين دعم الاستثمارات من جهة، والحفاظ على استقرار النظام النقدي من جهة أخرى.
وأوضح البهواشي أن البيئة الاقتصادية الراهنة باتت أكثر استقرارا، بعد تراجع معدلات التضخم وتوافر العملة الأجنبية، فضلًا عن السيطرة على الطلب غير المبرر على الدولار، مما يعزز قدرة المركزي على اتخاذ قرارات أكثر مرونة.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الهدف الأساسي لأي خفض للفائدة لا يقتصر على إحداث تراجع في التكلفة التمويلية، بل يمتد إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية وزيادة جاذبية السوق المصرية أمام الاستثمارات، بما ينعكس على معدلات النمو وفرص التشغيل.
وأبرز البهواشي أهمية الاستقرار بعد التحسن في العملة الأجنبية، مشددًا على أن الخفض التدريجي (1-2%) يعزز الجاذبية الاستثمارية دون مخاطر، مما يجعله رأيًا عمليًا يركز على النمو الإنتاجي.
دعم القطاع الصناعي وفرصة ذهبية للنمو
وتوقع الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، أن يتجه البنك المركزي المصري خلال اجتماعه المقبل إلى استكمال دورة التيسير النقدي عبر خفض أسعار الفائدة بمعدل يتراوح بين 0.5% و1% على الأكثر، مشيرًا إلى أن هذا التوجه سيكون له أثر إيجابي مباشر على الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة.
وقال خطاب، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إن الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا حاليًا بقطاع التصنيع باعتباره أحد المحركات الأساسية للنمو، إلا أن هذا القطاع لا يحقق عادةً عوائد تتجاوز 20 إلى 25%، الأمر الذي يجعل أصحاب المصانع في حاجة دائمة إلى القروض لتمويل استيراد المواد الخام، وتحديث خطوط الإنتاج عبر شراء ماكينات جديدة، فضلًا عن إنشاء مصانع إضافية، مؤكدا أن خفض تكلفة الاقتراض أصبح ضرورة لدعم المصنعين وتحفيز الاستثمارات الصناعية.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة توفر قاعدة قوية لاتخاذ قرار بخفض الفائدة، خاصة بعد تسجيل معدلات التضخم انخفاضًا ملموسًا خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب ما وصفه بـ"الانفراجة السياحية" التي تستعد لها مصر مع التوقعات بزيادة التدفقات الدولارية عقب افتتاح المتحف المصري الكبير، فضلًا عن التحسن الملحوظ في أداء قطاع الصناعة، وارتفاع الصادرات، واستقرار سعر الصرف.
وأضاف خطاب أن هذه المؤشرات، إلى جانب حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي التي تشهدها مصر، تمنح البنك المركزي فرصة لإعادة أسعار الفائدة إلى مستوياتها التي كانت قائمة قبل عام 2011، معتبرًا أن ذلك يمثل "فرصة ذهبية" لتحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات المقبلة.
كما شدد على أن تقليص أسعار الفائدة لن يقتصر أثره على دعم الاستثمار فحسب، بل سيساهم أيضًا في كسر حالة الركود التي تعاني منها بعض القطاعات، من خلال تشجيع الشركات على ضخ المزيد من الاستثمارات وزيادة المعروض من السلع، وهو ما سينعكس بدوره على حدوث انفراجة في الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للمستهلكين.
ويظهر استطلاع رأي منصة بانكير أغلبية واضحة بين الخبراء على ضرورة خفض أسعار الفائدة في اجتماع 2 أكتوبر 2025، مع نطاق يتراوح بين 0.5% إلى 2%، كاستراتيجية لدعم النمو في ظل تراجع التضخم وتحسن التدفقات الخارجية.
وهذا الإجماع يعكس ثقة في قدرة البنك المركزي على التوازن بين التحديات مثل زيادة أسعار الوقود والفرص مثل الاستثمار الأجنبي، مما يمهد لعام 2025 قويًا يشهد نموًا مستدامًا وخلق فرص عمل.