«ألفابت» تتجنب التفكيك وتضيف 230 مليار دولار إلى قيمتها السوقية في يوم

تمكنت «ألفابت» من تجاوز واحدة من أخطر الدعاوى القضائية في مجال مكافحة الاحتكار خلال العقود الماضية دون التعرض للتفكيك الهيكلي الذي كان يخشاه الكثيرون، فقد أصدر قاضٍ أمريكي حكماً يمنع إجبار «جوجل» على تجريد متصفحها «كروم» أو نظام التشغيل «أندرويد»، واحتفت الأسواق المالية بهذا الحكم، حيث ارتفعت القيمة السوقية لألفابت بمقدار 230 مليار دولار في يوم واحد، مسجلةً أكبر قفزة تاريخية.
يتجاوز هذا الحكم كونه مجرد تطور قانوني، فبالنسبة للمستثمرين، هو لحظة حاسمة تعيد رسم ميزان القوى بين عمالقة التكنولوجيا، والجهات التنظيمية، وصعود الذكاء الاصطناعي.
نهاية ملحمية في قاعة المحكمة تريح «جوجل»
جاء قرار القاضي ليضع حداً لقضية احتكار محرك البحث التي طال أمدها، ورغم إدانة «جوجل» العام الماضي بتهمة الحفاظ على احتكار غير قانوني لخدمات البحث عبر الإنترنت، فإن العقوبات التي فرضت هذا الأسبوع كانت أخف بكثير مما كان متوقعاً، فبدلاً من تفكيك أجزاء من أعمال الشركة، أمرت المحكمة «جوجل» بمشاركة البيانات مع المنافسين ووقف صفقات التوزيع الحصرية.
والأهم من ذلك، أن الشركة لا تزال قادرة على دفع مليارات الدولارات لشركة «آبل» للبقاء محرك البحث الافتراضي على هواتف «آيفون»، شريطة ألا تكون هذه الصفقات حصرية، وبهذا، وبينما سعت الحكومة لتوجيه ضربة قاضية، أعطى القاضي لـ«غوغل» درعاً واقياً.
وول ستريت تتنفس الصعداء
كان رد فعل السوق فوريا، فقد قفزت أسهم «ألفابت» بأكثر من 9% لتصل إلى مستوى قياسي عند 230 دولاراً، ما رفع قيمتها السوقية إلى 2.8 تريليون دولار، كما ارتفعت أسهم «أبل» بنحو 4%، مضيفة 130 مليار دولار إلى قيمتها، وقد سحب هذا الارتفاع مؤشر ناسداك معه، ما يؤكد مدى تأثير المخاطر التنظيمية على أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى.
كان المستثمرون يستعدون لسيناريو تفكيك شامل، يتضمن بيعاً إجبارياً لـ«كروم» أو «أندرويد»، وقد زال هذا العائق الآن، فالأسواق تكره حالة عدم اليقين، وجاء هذا الحكم بمنزلة صاعقة من الارتياح.
الأبعاد الاستثمارية للحكم
بالنسبة للمستثمرين، تكمن أهمية الحكم في الإشارات التي يبعثها أكثر من تفاصيله القانونية، أولاً، تراجعت علاوة المخاطر التنظيمية التي كانت تضغط على سهم «ألفابت»، فقد بقيت محركات الربح الرئيسة للشركة سليمة، ما يسمح لها بمواصلة توليد التدفقات النقدية التي تدعم تقييمها.
ثانياً، دخل الذكاء الاصطناعي رسمياً إلى الحوار التنظيمي، فقد أشار القاضي صراحة إلى المنافسة من «أوبن إيه آي» و«بيربلكسيتي» وغيرها من المنافسين في مجال الذكاء الاصطناعي كسبب لعدم فرض عقوبات أشد.
«لم يكن الأمر يتعلق بـ«كروم» أو «أندرويد» فحسب، بل كان يتعلق بما إذا كان الذكاء الاصطناعي قد أضعف بالفعل احتكار «غوغل».
أدوات تنظيمية عتيقة تواجه تحديات حديثة
يكشف الحكم أيضاً عن حدود قوانين مكافحة الاحتكار الحالية، فالولايات المتحدة لم تفكك أي احتكار منذ أكثر من أربعة عقود، وتوضح هذه القضية الأسباب، فالأدوات القانونية التي صممت للسكك الحديدية وشركات النفط هي أدوات غير دقيقة عند تطبيقها على الأسواق القائمة على البيانات، وحتى عند إثبات الاحتكار، يظل القضاة مترددين في فرض حلول هيكلية في قطاعات يعاد تشكيلها بفعل التكنولوجيا سريعة التغير.