أسعار النحاس تتراجع بعد بلوغ ذروة 5 أشهر بفعل مراجعة الطلب الصيني
تراجعت أسعار النحاس في تعاملات بورصة لندن للمعادن اليوم الخميس، بعد أن لامست في نهاية مارس الماضي أعلى مستوياتها منذ خمسة أشهر، وذلك في ظل اتجاه المتعاملين إلى إعادة تقييم توقعات الطلب في الصين، التي تعد المستهلك الأكبر للمعدن الأحمر عالمياً.
أداء السوق
وبحسب بيانات السوق، انخفضت العقود الآجلة للنحاس بنسبة 0.6% لتسجل نحو 9,345 دولاراً للطن المتري بحلول منتصف التعاملات الأوروبية، بعدما كانت قد صعدت إلى مستويات قاربت 9,420 دولاراً في الجلسات السابقة. وأرجع متعاملون هذا التراجع إلى عمليات جني أرباح، إلى جانب حالة الترقب الحذرة بشأن سياسات الصين الاقتصادية خلال الربع الأخير من العام.
أهمية الصين
تشكل الصين أكثر من 50% من إجمالي الطلب العالمي على النحاس، بفضل استخدامها المكثف في قطاعات البنية التحتية، والعقارات، والصناعات التحويلية، والطاقة المتجددة. وقد أدت إشارات من بكين بشأن احتمال خفض وتيرة الاستثمارات الحكومية في بعض المشاريع العقارية إلى إثارة قلق المستثمرين، ما انعكس مباشرة على أسعار المعدن في الأسواق العالمية.
وفي المقابل، لا تزال التوقعات الإيجابية قائمة بالنسبة لقطاعات أخرى، مثل تصنيع المركبات الكهربائية وتوسيع شبكات الطاقة، والتي يتوقع أن تدعم الطلب على النحاس على المدى الطويل.
تحليلات الخبراء
وقال محللون لدى بنك "ستاندرد تشارترد" إن تراجع الأسعار يعكس إعادة ضبط للتوقعات أكثر من كونه بداية اتجاه هبوطي طويل الأجل. وأضافوا: "النحاس يظل من المعادن الاستراتيجية التي سيستمر الطلب عليها في النمو بفضل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، لكن السوق حالياً تتفاعل مع المخاوف قصيرة الأجل بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني".
ويرى خبراء أن المستثمرين يراقبون عن كثب البيانات الاقتصادية الصينية المنتظر صدورها خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مؤشرات الإنتاج الصناعي والاستثمارات في البنية التحتية، والتي ستحدد بشكل كبير مسار أسعار النحاس في الربع الأخير من 2025.
العوامل العالمية
إلى جانب التطورات في الصين، تتأثر أسعار النحاس أيضاً بالمتغيرات في الأسواق العالمية، وعلى رأسها قوة الدولار الأمريكي وتوجهات السياسات النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. فارتفاع الدولار يزيد من كلفة شراء السلع المقومة به لحائزي العملات الأخرى، ما قد يضغط على الطلب.
كما يراقب المستثمرون مستويات المخزونات في مستودعات بورصة لندن للمعادن، التي شهدت زيادات طفيفة خلال الأسابيع الماضية، في إشارة إلى اعتدال الطلب الفوري على المعدن.
المستقبل القريب
ويتوقع محللون أن يظل النحاس محصوراً في نطاق تداول يتراوح بين 9,200 و9,500 دولار للطن خلال الأسابيع المقبلة، مع احتمالية حدوث تقلبات مرتبطة بالبيانات الاقتصادية الصينية وقرارات البنوك المركزية العالمية.
ويؤكد مراقبون أن النظرة الاستراتيجية للمعدن الأحمر تظل إيجابية، باعتباره أحد الأعمدة الرئيسية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، لا سيما في مجالات الطاقة الشمسية، توربينات الرياح، ومحطات شحن السيارات الكهربائية.
