خفض الفائدة الأمريكية خبر إيجابي لدول الخليج مع بقاء تحديات الاقتصاد العالمي

ذكر تقرير صادر عن شركة "الشال" للاستشارات الاقتصادية أن تزايد احتمالات إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض سعر الفائدة على الدولار في اجتماعه المرتقب يوم 17 سبتمبر المقبل يشكل خبرًا إيجابيًا لدول الخليج العربي، خاصة في ظل ارتباط معظم عملاتها الوطنية بالدولار، وارتفاع مستويات الاقتراض محليًا، الأمر الذي يجعل تكلفة التمويل عبئًا متزايدًا على الاقتصادات الخليجية.
وأوضح التقرير أن خفض الفائدة الأمريكية سينعكس تلقائيًا على السياسات النقدية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتجه البنوك المركزية عادة إلى تحريك أسعار الفائدة بالتوازي مع الفيدرالي الأمريكي للحفاظ على استقرار سعر الصرف وتوازن التدفقات الرأسمالية. وبيّن أن هذه الخطوة ستوفر متنفسًا مهمًا للقطاعين الخاص والعام في المنطقة من خلال تقليل أعباء خدمة الديون، وتحفيز الاستثمار، وتشجيع الاقتراض الموجه للمشروعات الإنتاجية والخدمية.
وأشار التقرير إلى أن استفادة دول الخليج من هذه التطورات لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل تمتد لتشمل تحفيز النمو الاقتصادي عبر تعزيز قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التوسع، ودعم الاستهلاك المحلي، إضافة إلى تحسين مناخ الاستثمار الأجنبي المباشر. كما أن تخفيف ضغوط التمويل يسهم في توسيع نطاق المشروعات المرتبطة برؤى التنمية طويلة الأمد مثل "رؤية السعودية 2030" و"رؤية الكويت 2035"، وغيرها من الخطط الوطنية التي تتطلب إنفاقًا استثماريًا ضخمًا.
لكن التقرير حذر في الوقت نفسه من أن هذه الإيجابيات قد تكون محدودة الأثر بفعل الضغوط العالمية المتزايدة. وأوضح أن التباطؤ الاقتصادي في الصين – الشريك التجاري الأكبر لدول الخليج في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات – يشكل عاملًا سلبيًا قد يقلص من حجم الطلب على الصادرات الخليجية، وبالتالي يحد من مكاسب خفض الفائدة.
كما لفت إلى أن أوروبا لا تزال تعاني من معدلات نمو ضعيفة نتيجة أزمة الطاقة وارتفاع مستويات الدين العام، وهو ما ينعكس بدوره على حركة التجارة العالمية. وأضاف التقرير أن التوترات الجيوسياسية في عدد من مناطق العالم، إلى جانب تقلبات أسعار النفط، تبقى عوامل رئيسية تحيط بآفاق الاقتصاد الخليجي بعدم اليقين، رغم محاولات الحكومات تنويع مصادر الدخل وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية.
وبيّن "الشال" أن أسواق الطاقة العالمية ستظل العامل الأكثر تأثيرًا في المدى المتوسط على اقتصادات الخليج، حيث أن أي تراجع في أسعار النفط قد يقلص العوائد المالية ويحد من قدرة الحكومات على التوسع في الإنفاق الرأسمالي، حتى وإن استفادت هذه الدول من بيئة تمويل أقل تكلفة نتيجة خفض الفائدة الأمريكية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن خفض الفائدة على الدولار يمثل بلا شك خبرًا جيدًا للبنوك المركزية الخليجية والأسواق المالية، لكنه ليس حلًا سحريًا لمواجهة التحديات العالمية، بل يتطلب الأمر استمرار الإصلاحات الاقتصادية الداخلية، وتعزيز الإنتاجية، وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي، من أجل تحصين اقتصادات المنطقة من التقلبات الخارجية والحفاظ على مسار النمو المستدام.