الخميس 14 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

56 مليار جنيه تعيد الحياة لصناعة الغزل والنسيج في مصر.. 20 مليون دولار صادرات في عام واحد.. و70% من الإنتاج في طريقه لأوروبا

الأربعاء 13/أغسطس/2025 - 09:00 م
صناعة الغزل والنسيج
صناعة الغزل والنسيج في مصر

تخطو مصر بثبات نحو استعادة مكانتها العالمية في أسواق صناعة الغزل والنسيج، من خلال خطة تحديث وتطوير شاملة وغير مسبوقة للمصانع الوطنية، تستهدف النهوض بالقطاع وتحويله إلى قاطرة جديدة للنمو الصناعي والصادرات.

وتتصدر هذه الخطة مشروعات مجمع المحلة الكبرى العملاق الذي من المقرر اكتماله بكامل مصانعه بنهاية ديسمبر المقبل، إلى جانب دخول عدد من المصانع مرحلة التشغيل خلال يونيو 2026، سواء في كفر الدوار أو حلوان، تمهيدا للوصول إلى التشغيل الكامل لكافة المجمعات والشركات عام 2026.

هذه الطفرة تمثل تحولًا تاريخيًا لقطاع الغزل والنسيج التابع للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس – إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام – والذي كان قبل سنوات قليلة على وشك التصفية، قبل أن يعاد إحياؤه بضخ استثمارات ضخمة تصل إلى نحو 56 مليار جنيه، بتوجيه مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لإعادته إلى موقعه الريادي كإحدى الصناعات الاستراتيجية الكبرى في مصر والعالم.

صناعة الغزل والنسيج في مصر

المحلة الكبرى.. قلعة صناعية تعود للحياة

وفي هذا السياق، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته لمدينة المحلة الكبرى، أن هذه المدينة الصناعية التاريخية تعد من أكبر القلاع الصناعية في مصر، واشتهرت عالميا عبر مراحل مختلفة بصناعة الغزل والمنسوجات ذات السمعة المرموقة.

وأوضح رئيس مجلس الوزراء، في تصريحات تليفزيونية، أن هناك استراتيجية قومية متكاملة للنهوض بصناعة الغزل والنسيج في مصر، تنفذها وزارة قطاع الأعمال العام، وتركز على تعظيم الاستفادة من القدرات المصرية الكامنة، ودعم الاقتصاد الوطني، خاصة أن صناعة الغزل والنسيج من الصناعات كثيفة العمالة.

وبحسب خطة التنفيذ، فإن العام الجاري سيشهد تشغيل كافة مصانع المحلة، فيما تبدأ مصانع دمياط وكفر الدوار العمل اعتبارًا من يوليو من العام المقبل، مع تجهيز باقي الشركات والمجمعات – بما فيها حلوان – للوصول إلى التشغيل بكامل الطاقات عام 2026، ويتطلب ذلك تكثيف الجهود التسويقية لضمان منافسة قوية في الأسواق العالمية وتحقيق أهداف المشروع القومي.

تاريخ عريق.. تحديث شامل لصناعة الغزل والنسيج في مصر 

تعد شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى من أقدم وأكبر شركات الغزل والنسيج في العالم العربي، تأسست عام 1927، وتطورت عبر عقود لتصبح رائدة إقليميا، وفي إطار مشروع التطوير، دشنت الحكومة مصنع غزل 1، أكبر مصنع غزل في العالم على مساحة 62 ألف متر، يضم نحو 183 ألف مردن و376 ماكينة، بطاقة إنتاجية مستهدفة 30 طنا يوميا من الخيوط الرفيعة التي تدخل في صناعة الأقمشة عالية الجودة.

كما يضم مجمع المحلة الصناعي مصنع "غزل 4" بطاقة إنتاجية تصل إلى 15 طنا يوميا من أجود الغزول الرفيعة في العالم، وخلال شهري أغسطس وسبتمبر المقبلين، ستبدأ الشركة تشغيل مصنع النسيج العملاق ومصنع التجهيزات والصباغة، بما يحقق تكاملا صناعيا كاملا يمكن من التركيز على التصدير لتعويض نفقات التطوير.

صناعة الغزل والنسيج في مصر

مشروعات نسيج متكاملة لزيادة الطاقة الإنتاجية

ويدخل أكبر مصنع نسيج في مصر الخدمة تجريبيا في سبتمبر المقبل بطاقة إنتاجية 143 ألف متر قماش و37 طن وبرة يوميا، ويقام على مساحة 38 ألف متر مربع، ويضم ثلاثة مصانع رئيسية: مصنع لإنتاج الملايات والمفارش، ومصنع لإنتاج الوبريات، ومصنع للتحضيرات الداعمة.

ونجحت شركة المحلة في تصدير منتجات من مصانع الغزل بقيمة 20 مليون دولار خلال 2024، أي ما يقارب مليار جنيه، ومعظمها من مصنع غزل 4، الذي يعتمد على ماكينات "ريتر" السويسرية الحديثة، كما واصلت الشركة التصدير من بعض المصانع القديمة بعد تطوير خطوط إنتاجها لتوفير منتجات عالية المواصفات قابلة للتصدير، في ظل اهتمام الرئيس التنفيذي العضو المنتدب المهندس أحمد بدر بملف التصدير كأولوية استراتيجية.

تجهيزات بأحدث تكنولوجيات الصباغة

تدشن الشركة كذلك أحد أضخم مصانع التجهيزات في مصر على مساحة 36.5 ألف متر مربع، تمهيدا لتشغيله تجريبيا في سبتمبر المقبل، بطاقة إنتاجية يومية تصل إلى 40 طن وبرة و135 ألف متر من الأقمشة، باستخدام أحدث نظم الصباغة والتجهيز في العالم، ويضم أقساما متخصصة للتبييض والتحرير والصباغة، تشمل ماكينات متطورة للأقمشة القطنية والمخلوطة.

صناعة الغزل والنسيج في مصر

الارباح تقفز بنسبة 227%.. وخطة لتصدير 70% من الانتاج

يستهدف المشروع القومي لتطوير مصانع الغزل والنسيج، بتكلفة 56 مليار جنيه،  إنتاج 188 ألف طن غزول، و198 مليون متر نسيج، و15 ألف طن وبريات، و50 مليون قطعة ملابس سنويا، بما يعزز الصادرات بنحو 2.5 مليار دولار سنويا.

ويؤكد الدكتور أحمد شاكر، الرئيس التنفيذي للشركة القابضة، أن الخطة تعتمد على تصدير 70% من الإنتاج إلى الأسواق الأوروبية، لاسترداد نفقات التطوير وتحقيق عوائد اقتصادية كبيرة.

وأشار شاكر إلى ارتفاع مبيعات الشركة القابضة والشركات التابعة لها إلى 4.1 مليار جنيه خلال العام الماضي، بمعدل نمو 51% مقارنة بالعام السابق، كما قفزت أرباح الشركة القابضة بنسبة 227% لتصل إلى 503 ملايين جنيه. 

وأقرت الجمعية العامة غير العادية، برئاسة وزير قطاع الأعمال العام، زيادة رأس المال بمقدار 1.5 مليار جنيه ليبلغ الإجمالي 18.6 مليار جنيه، دعما لخطط التطوير والتوسع.

وبهذه الخطوات المتسارعة، تضع مصر صناعة الغزل والنسيج على أعتاب مرحلة جديدة من الريادة، مستندة إلى تاريخ عريق، وطفرات إنتاجية، واستراتيجيات تصديرية تستهدف المنافسة بقوة في الأسواق العالمية، فهل تعود مصر الريادة في صناعة الغزل والنسيج عالميا؟.. هذا ما ستكشف عنه السنوات القليلة المقبلة.