الشركات الصينية تسجل مبيعات قياسية لعقود الخيار في سوق العملات وسط رهان على استقرار اليوان

سجلت الشركات الصينية مبيعات غير مسبوقة من عقود الخيارات على العملات الأجنبية خلال النصف الأول من عام 2025، في خطوة تعكس ثقة متزايدة من المصدرين المحليين في استقرار سعر صرف اليوان، وسعيهم لتحقيق مكاسب إضافية عبر أدوات المشتقات المالية.
وكشفت بيانات صادرة عن إدارة الدولة للنقد الأجنبي في الصين، نقلتها وكالة "رويترز"، أن البنوك التجارية باعت ما قيمته 132.5 مليار دولار من عقود الخيارات على زوج الدولار/اليوان لصالح عملائها من الشركات بين يناير ويونيو 2025، في أعلى مستوى يُسجل على الإطلاق في هذه السوق.
وتأتي هذه الموجة من العقود في ظل تباطؤ في تقلبات سعر صرف اليوان، حيث استقرّت التقلبات الضمنية لعقود الخيار لآجل شهر واحد عند 2.5%، وهو أدنى مستوى منذ يوليو 2024، ما دفع العديد من المصدرين إلى اغتنام هذا الهدوء النسبي لبيع عقود خيار الشراء، في محاولة لتعظيم العوائد وتقليل تكاليف التحوّط.
وأوضح متعاملون في السوق أن عدداً من البنوك الكبرى نصحت عملاءها من المصدرين ببيع خيارات شراء على الدولار مقابل اليوان، بأسعار تنفيذ أعلى من السعر الحالي ولفترة زمنية تمتد حتى عام، ما يسمح للشركات بالحصول على علاوات مالية فورية.
وفي حال ارتفع سعر صرف الدولار مقابل اليوان في المستقبل، فإن هذه الخيارات تُنفذ وتضمن للمصدرين سعراً أفضل لتسوية إيراداتهم بالدولار. أما إذا لم يتحقق هذا الارتفاع، فإن الشركات تحتفظ بعلاوة البيع كدخل إضافي، في ما يُعد مكسباً محتملاً في كلتا الحالتين.
ويعكس هذا النشاط المتزايد توجهاً جديداً في تعامل الشركات الصينية مع سوق الصرف الأجنبي، لا يقتصر فقط على التحوّط من تقلبات السوق، بل يتجاوز ذلك إلى تعزيز الأرباح من خلال استراتيجيات أكثر تقدماً باستخدام أدوات المشتقات المالية.
ورغم تراجع مؤشر الدولار بنسبة تقارب 11% خلال النصف الأول من 2025، إلا أن اليوان ارتفع بنسبة 1.9% أمام الدولار، بدعم من السياسات التوجيهية لبنك الشعب الصيني، الذي كثّف تدخلاته لضمان استقرار سوق العملات في ظل الضغوط الاقتصادية الداخلية وتصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن الشركات الصينية باتت أكثر حذراً في تحويل إيراداتها الدولارية إلى اليوان، بسبب الفارق الكبير في العوائد بين العملتين، حيث لا تزال معدلات الفائدة الأميركية أعلى بكثير من نظيرتها الصينية، ما يدفع الشركات للاحتفاظ بأرباحها بالدولار لفترة أطول أو استثمارها في أدوات ذات عائد أعلى.
ويعكس هذا التطور أيضًا تنامي وعي الشركات الصينية بأهمية إدارة المخاطر المالية والتحوّط الذكي، في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تقلبات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، الأمر الذي يضع أدوات مثل عقود الخيار في مقدمة وسائل إدارة الأصول المالية الخارجية.