السبت 09 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

خسائر بـ44 مليون دولار في صادرات الأسمنت.. هل تنجح الحكومة في خفض الأسعار دون فقد الأسواق؟

السبت 09/أغسطس/2025 - 04:00 م
خسائر بـ44 مليون
خسائر بـ44 مليون دولار في صادرات الأسمنت

شهدت صناعة الأسمنت في مصر واحدة من أكثر فتراتها تحولا خلال شهري مايو ويونيو 2025، إذ تدخلت الحكومة بقوة لضبط إيقاع الأسعار التي وصلت إلى مستويات تاريخية، واضعة حدا لفوضى السوق واحتكار بعض الشركات لآليات الإنتاج والتسعير، حيث قررت إلغاء امتيازات إنتاجية، وتحديد سقوف للتصدير، مع تحفيز تشغيل الطاقات المعطلة، وءلك لتحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والطلب الداخلي.

ولكن بالرغم من هذه التحركات التي أثمرت عن انخفاض كبير في أسعار الأسمنت محليا وتحسن نسبي في المعروض، فإن فاتورتها جاءت ثقيلة على جبهة التصدير، حيث خسرت مصر نحو ربع عائداتها من صادرات الأسمنت خلال شهرين فقط، وسط تحذيرات من فقدان أسواق خارجية كانت تعد من الأعمدة الأساسية للقطاع، في وقت يشهد فيه العالم طفرة في مشروعات الإعمار والبنية التحتية.

كيف سيطرت الحكومة على أسعار الأسمنت في السوق؟

خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، فرضت الحكومة المصرية مجموعة من السياسات الحاسمة لإعادة التوازن لسوق الأسمنت، شملت إلغاء قرار جهاز حماية المنافسة الذي كان يسمح بخفض الطاقة الإنتاجية، وتحديد سقف للتصدير عند 30% فقط من الإنتاج، إضافة إلى إلغاء نظام "الكوتة" بين المصانع، بما يسمح لكل مصنع بالعمل بكامل طاقته، كما أعلنت وزارة الصناعة دعمها لتشغيل 9 خطوط إنتاج متوقفة، في خطوة تهدف لزيادة المعروض المحلي.

أسفرت هذه الإجراءات عن نتائج مباشرة في السوق، إذ سجلت أسعار الأسمنت تراجعا كبيرا بلغ ما بين 400 إلى 1000 جنيه للطن، بحسب النوع ومناطق التوزيع، بحسب ما أكده أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، مشيرا إلى أن الأسعار الحالية تتراوح بين 3900 و4100 جنيه للطن، مقارنة بمستويات سابقة وصلت إلى 5300 جنيه، مع استقرار أفضل في حجم المعروض مقارنة بشهري أبريل ومايو الماضيين.

خسائر بـ44 مليون دولار في صادرات الأسمنت.. هل تنجح الحكومة في خفض الأسعار دون فقد الأسواق؟

قفزة إنتاجية في الأسمنت وخسارة في التصدير

في مقابل التحسن المحلي، أظهرت بيانات رسمية تراجع صادرات الأسمنت بنسبة تقارب 25% خلال شهري مايو ويونيو، لتصل إلى 142 مليون دولار مقارنة بـ186 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.

ويُعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى القيود المفروضة على التصدير، حيث بلغ الانخفاض في يونيو وحده 26% ليسجل 61 مليون دولار، وسط مخاوف من فقدان أسواق رئيسية مثل ليبيا ولبنان وأمريكا وعدد من الدول الإفريقية.

ورغم هذا التراجع التصديري، حقق القطاع نموا كبيرا في الإنتاج، حيث ارتفع بنحو 24% في النصف الأول من عام 2025، ليصل إلى 30.7 مليون طن مقابل 24 مليون طن في نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت كميات التصدير الفعلية بنسبة 11.5% لتسجل 9.7 مليون طن، مقارنة بـ8.7 مليون طن في نفس الفترة من 2024، ما يشير إلى قدرات تصديرية عالية قد تتعطل بفعل القرارات التنظيمية.

ألاسعار تستقر بين 3300 و3500 جنيه للطن بنهاية العام

ورغم ارتفاع معدل إنتاج الأسمنت في مصر، إلا أنه لا تزال 9 خطوط إنتاج خارج الخدمة، رغم إعلان الحكومة منح المصانع مهلة 3 أشهر لإعادة تشغيلها، وتشغيل هذه الخطوط من شأنه إحداث زيادة ملموسة في المعروض، وتخفيض إضافي في الأسعار، متوقعا أن يحدث ذلك خلال الفترة المقبلة مع انتهاء المهلة.

وتوقع الخبراء أن تتراجع أسعار الأسمنت تدريجيا لتستقر بين 3300 و3500 جنيه للطن بنهاية العام، إذا التزمت المصانع بسقف التصدير وأعادت تشغيل الطاقات المعطلة، مشيرين إلى أن الأسعار الحالية "متوازنة" وفقا لحالة العرض والطلب، لكنها قابلة للتراجع مع أي زيادة إضافية في حجم المعروض.

خسائر بـ44 مليون دولار في صادرات الأسمنت.. هل تنجح الحكومة في خفض الأسعار دون فقد الأسواق؟

تحذيرات من خسارة أسواق تصديرية استراتيجية

حذر مصدر في المجلس التصديري لمواد البناء من استمرار توجه تقليص التصدير، مشيرا إلى أن مصر بدأت تفقد مواقعها في أسواق أساسية مثل ساحل العاج وغانا، وهو ما قد يهدد بتقلص الدور المصري في سوق الأسمنت الإقليمية، خاصة في ظل الطفرة العمرانية التي تشهدها دول الجوار.

وكانت صادرات مصر من الأسمنت، قد بلغت نحو 913 مليون دولار خلال عام 2024، مقارنة بـ779 مليون دولار في 2023، بنسبة زيادة بلغت 17%، والحفاظ على هذا الزخم التصديري - بحسب الخبراء - يستلزم إعادة النظر في القيود المفروضة، مشددا على أن المادة الخام متوفرة محليا ولا توجد موانع لزيادة الإنتاج، وبالتالي لا مبرر لاستمرار خفض الطاقات التشغيلية أو التصديرية.