الأربعاء 23 يوليو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

اختراق العملات المشفرة.. هل يدفع سوق الكريبتو اقتصاد العالم نحو الهاوية؟

الأربعاء 23/يوليو/2025 - 08:00 ص
العملات الرقمية
العملات الرقمية

في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، برزت العملات المشفرة كنجم ساطع في سماء الاقتصاد العالمي، لكنها لم تخل من الجدل والمخاطر، ومع تزايد شعبيتها، أصبحت هذه الأصول الرقمية هدفًا للقراصنة الإلكترونيين، حيث شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من الاختراقات التي هزت ثقة المستثمرين وأثارت تساؤلات حول استقرار هذا السوق الناشئ.

والسؤال المطروح دائمًا، هل يمكن أن تؤدي هذه الاختراقات إلى كارثة اقتصادية عالمية؟ أم أن تأثيرها يبقى محصورًا ضمن حدود القطاع؟.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نغوص في أعماق هذا الموضوع، لنستكشف المخاطر والتداعيات المحتملة.

حجم سوق العملات المشفرة وتأثيره المحدود

وتشير البيانات إلى أن سوق العملات المشفرة، رغم نموه السريع، يظل صغيرًا مقارنة بالأسواق المالية التقليدية، ففي عام 2022، قدرت القيمة السوقية لهذا القطاع بحوالي 1.7 تريليون دولار، وهو رقم متواضع مقارنة بإجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة البالغ 21 تريليون دولار، أو صافي ثروة الأسر الأمريكية التي تصل إلى 150 تريليون دولار.

ووفقًا لتقرير صادر عن "جولدمان ساكس"، تمثل حيازات العملات المشفرة 0.3% فقط من الثروة المالية للأسر الأمريكية، مما يعني أن تأثيرها المباشر على الاقتصاد الكلي محدود نسبيًا.  

ومع ذلك، فإن الاختراقات الكبرى، مثل تلك التي طالت منصة "Bybit" في فبراير 2025، والتي تسببت في خسائر بلغت 1.5 مليار دولار، تظهر الضعف الأمني في هذا القطاع.

وهذه الحادثة، التي وصفت بأنها الأكبر في تاريخ العملات المشفرة، أثارت مخاوف من إمكانية انتقال العدوى إلى أسواق أخرى، خاصة مع تزايد ارتباط العملات الرقمية بالأنظمة المالية التقليدية.

العملات الرقمية

مخاطر الاختراقات هل هي كارثية؟

وعلى الرغم من الخسائر الهائلة التي تسببت بها الاختراقات، مثل سرقة 3.8 مليار دولار في عام 2022 و2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2025، يرى الخبراء أن تأثيرها على النظام المالي العالمي لا يزال غير كاف لإحداث أزمة شاملة.

ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن الأصول المشفرة لا تشكل خطرًا مباشرًا على الاستقرار المالي العالمي، لكنها قد تؤثر بشكل ملموس على اقتصادات الأسواق الناشئة التي تعتمد عليها بشكل كبير.

وعلى سبيل المثال، في بعض الدول النامية، يتم استخدام العملات المشفرة للالتفاف على ضوابط رأس المال أو كبديل للعملات المحلية غير المستقرة، مما يزيد من المخاطر المحلية.

التداعيات المحتملة بين الخوف والواقع

وتشير التقارير إلى أن الاختراقات قد تؤدي إلى فقدان الثقة في السوق، مما يدفع المستثمرين إلى سحب أموالهم بشكل جماعي، كما حدث بعد اختراق "Bybit" عندما بدأ المودعون بسحب أرصدتهم خوفًا من الإفلاس.

وهذا السيناريو قد يؤدي إلى انهيار أسعار العملات المشفرة، كما شهدنا في عام 2022 عندما خسرت السوق تريليوني دولار من قيمتها، ومع ذلك، فإن ارتباط هذا السوق بالأنظمة المالية التقليدية ليس عميقًا بما يكفي ليتسبب في أزمة عالمية مشابهة لأزمة الرهن العقاري في 2008، كما حذر منه الاقتصادي بول كروغمان.

الحلول المقترحة

ويدعو الخبراء إلى تعزيز التنظيم والرقابة على سوق العملات المشفرة للحد من المخاطر، حيث اقترح صندوق النقد الدولي وضع معايير عالمية وفرض شروط احترازية صارمة على منصات التداول ومصدري العملات المستقرة.

ومن الناحية التكنولوجية، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تساعد في كشف الأنشطة المشبوهة في الوقت الفعلي، مما يقلل من فرص الاختراق، كما ينصح المستثمرون الأفراد باستخدام محافظ باردة غير متصلة بالإنترنت لتقليل مخاطر السرقة.

ويبدو أن اختراقات سوق العملات المشفرة، رغم خطورتها، لا تملك القدرة حاليًا على إحداث كارثة اقتصادية عالمية شاملة بسبب الحجم المحدود لهذا السوق وانخفاض ارتباطه بالنظام المالي التقليدي.

ولكن ذلك لا يعني التقليل من شأن المخاطر، خاصة في الأسواق الناشئة أو بين المستثمرين الأفراد الذين قد يخسرون مدخراتهم، ومع استمرار تطور هذا القطاع، يصبح التنظيم الفعال والتدابير الأمنية المتقدمة ضرورة ملحة.